Cadd Tanazuli
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء
Genres
كان كوروليف يلتقي ستالين بين الحين والآخر، وظل على النهج نفسه مع خليفته؛ نيكيتا خروتشوف. ومثلما كتب خروتشوف في مذكراته لاحقا:
بعد فترة غير طويلة من وفاة ستالين، حضر كوروليف أحد اجتماعات المكتب السياسي لعرض ما توصل إليه. لا أريد أن أبالغ، لكنني أقول إننا حدقنا فيما عرض علينا كما لو كنا مجموعة من الأغنام ترى بوابة جديدة للمرة الأولى. عندما عرض علينا أحد نماذج الصواريخ التي صممها، اعتقدنا أنه لم يكن سوى أنبوب ضخم يشبه السيجار، ولم نكن نظن أنه سيطير. اصطحبنا كوروليف في جولة لمشاهدة إحدى منصات إطلاق الصواريخ، وحاول أن يشرح لنا كيف يعمل الصاروخ، لكننا كنا كالفلاحين في السوق؛ درنا حول الصاروخ مرة بعد مرة، لامسين إياه، وداقين عليه لنرى إذا ما كان قويا بما يكفي. فعلنا كل شيء ما عدا لعق الصاروخ لنرى كيف كان طعمه.
كنا نضع ثقة هائلة في الرفيق كوروليف؛ صدقناه حينما أخبرنا أن صاروخه لن يطير فقط بل سينطلق مسافة 7000 كيلومتر. وعندما كان يشرح أفكاره بالتفصيل أو يدافع عنها، كان المرء يستطيع أن يرى الحماس في عينيه. وكانت تقاريره دوما مثالا يحتذى به في الوضوح. كانت لديه طاقة وإرادة غير محدودتين، وكان يتمتع بعبقرية في التنظيم.
4
نجحت أيضا عملية الإطلاق التي أجريت في شهر سبتمبر وبلغت مداها الكامل، ومنحت لجنة حكومية كوروليف تصريحا لإطلاق قمره الأول «بي إس» على متن صاروخ «آر-7». وتطلب الصاروخ نفسه إدخال تعديلات عليه ليصل إلى مداره؛ حيث كان على الطاقم الأرضي تقليص وزنه عن طريق إزالة جزء من نظام التوجيه فضلا عن الأجهزة الأخرى، وإعادة برمجة المحركات لزيادة سرعتها، وتركيب مقدمة مخروطية جديدة. وكانت هذه المقدمة المخروطية تحتوي على صاروخ «سبوتنيك» خفيف الوزن، لا يزيد وزنه عن أربعة وثمانين كيلوجراما.
جرت عملية الإطلاق في وقت متأخر مساء 4 أكتوبر، وكان الصاروخ يومض على نحو يزيغ الأبصار وسط الأضواء البيضاء الباهرة للكشافات. ويصف جولوفانوف هذه اللحظة المثيرة قائلا:
كان كوروليف قد وصل مبكرا، وترك سيارته على الرصيف الخرساني. وكانت الرياح باردة وشديدة. رفع ياقة معطفه القديم الثقيل، وجاء من خلفه الصوت الاصطناعي الصادر عن نظام الإعلانات العامة: «انتباه! سيبدأ حساب الوقت في غضون دقيقة. استعد للتزود بالوقود.»
كان ينبعث عن احتراق الأكسجين السائل دخان مثل البخار الأبيض للقاطرة، فيغطي الصاروخ. وكان الصقيع يزحف من أسفل خزان الأكسجين، وسرعان ما كان يتحول لون الصاروخ بالكامل إلى اللون الأبيض. منظر جميل!
لاحقا ، قبل الإطلاق مباشرة، جلس كوروليف منحني الكتفين في مقعده المعتاد عند منظاره «الشخصي» في الغرفة المحصنة تحت الأرض، وكان يرتعد قليلا. «دقيقة واحدة على لحظة الإطلاق! أكرر: دقيقة واحدة على لحظة الإطلاق!» «اضغط للبدء.»
قرب كوروليف وجهه من المنظار وأحس بشعور غير سار بمرور العرق البارد من وجهه على الواقي المطاطي الأسود لعدستي المنظار. اختفت سحابة الأكسجين البيضاء؛ حيث كانت صمامات التهوية قد أغلقت. «جرى تكييف ضغط المحركات المساعدة.» «جرى تكييف ضغط المحركات الرئيسية.» «بدأت عملية الإطلاق.» «انفصل الصاروخ عن المنصة الأرضية.»
Unknown page