ولا ريب أن يقين الصديق بنصرة الإسلام على الدين كله في يوم من الأيام قد كان أقوى يقين سكن في قلب إنسان أو سكن إليه قلب إنسان.
فكل وعد من وعود القرآن قد كان عنده حقيقة عيان، بل أمكن من حقيقة العيان.
وكل كلمة سمعها من النبي بخبر من أخبار الغد المجهول، فهي عنده شاهد من شواهد الحاضر الملموس باليدين.
نزل القرآن الكريم بغلبة الروم على الفرس في بضع سنين فذهب الصديق إلى مشركي قريش يكبتهم بنبأ هذا النصر القريب؛ لأنهم كرهوه كراهة منهم في كل أهل كتاب، وأحبوا نصر فارس حبا منهم لكل عابد وثن، وقال لهم: ليظهرن الروم على فارس! أخبرنا بذلك نبينا ... فصاح به أبي بن خلف الجمحي: كذبت يا أبا فصيل! قال الصديق: أنت أكذب يا عدو الله، ودعاه أبي أن يراهنه على عشر قلائص. فعاد إليه يقول: بل على مائة إلى تسع سنين؛ لأنه سمع وعد القرآن، ووعد القرآن حقيقة عيان، بل أمكن من حقيقة العيان .
ولما تعقب جاسوس المشركين سراقة بن جعشم ركب النبي عليه السلام في الهجرة سمعه الصديق يقول لسراقة: كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟
فما شك الصديق أن الإسلام غالب الأكاسرة في يوم من الأيام، وأنه منصور على الدين كله كما جاء في الكتاب، وفي حديث صديقه الرسول الأمين.
ذلك كله لا ريب فيه.
سينصر الإسلام على الدين كله في يوم من الأيام. ذلك خبر عيان بل أمكن من خبر العيان.
ولكن أي يوم! ومتى يحين الأوان؟
هنا تبدأ الروية إلى جانب اليقين، بل تجب الروية على ولي الأمر في الإسلام كما يجب اليقين.
Unknown page