وطاعة واجبة هنا حيث نبغ التمرد، أو لا سبيل إلا واجب بعد ذلك يطاع.
طاعة أو لا شيء.
فإن بقيت الطاعة فقد بقي كل شيء.
وهنا تسعفه الصديق طبيعة هي أعمق الطبائع فيه، أو هي العبقرية الصديقية في أوانها، وعلى أحسن حال تكون.
هنا تسعف القدوة القويمة بالبطل المحبوب.
وهنا يقول وقد خوفوه الخطر على المدينة والجيش يفارقها: «والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله! ولو أن الطير تخطفتنا، والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة.»
كلمة لو قالها غير أبي بكر لكانت كبيرة، ولكن الذي يقولها أبو بكر وبنته أعز أمهات المؤمنين.
فلا خطر إذن أكبر من خطر الاجتراء على حق الطاعة في تلك الآونة، ولو جرت الكلاب بأرجل البنات والأمهات.
ومن المؤرخين المحدثين من قال ما فحواه: إن بعثة أسامة إنما أرسلت ثأرا لأبيه زيد الذي قتل في معركة مؤتة، وإن قاتله في تلك المعركة قد مات لتوه، أفما كان إرجاء البعثة من المستطاع وقد أدرك ثأر القائد القتيل؟
ومن المهاجرين والأنصار من كان يرى الرأي في بقاء البعثة بالمدينة بعد موت النبي عليه السلام وفي مقدمتهم أسامة.
Unknown page