وسأل عمر: متى توتر؟ قال: من آخر الليل.
فقال لأبي بكر: أخذت بالحزم، وقال لعمر: أخذت بالعزم.
وصلاة الوتر كما لا يخفى تقضى من بعد العشاء إلى ما قبل الفجر، ويرى بعض الأئمة أنها فريضة، ويرى بعضهم أنها سنة يقتدى فيها بالنبي.
فأبو بكر يبادر إلى أدائها ويأخذ بالحيطة مخافة أن يفوته أوانها إذا أجلها، وعمر الشديد على نفسه الواثق من عزيمته يعلم أنها لن تفوته وأنه لن يغلبه عليها غالب من النوم، فيؤجلها إلى ما قبل الفجر، وهو واثق من أدائها في أوانها.
لهذا قال النبي لأبي بكر: إنه أخذ بالحزم وهو الأحوط، وقال لعمر: إنه أخذ بالعزم وهو الأقوى، وعرف صاحبيه في هذه الفارقة الصغيرة كما عرفهما في كبار الأمور وصغارها.
وإن العقيدة التي تتسع لهذين الرجلين ولهذين الخلقين ولهذين العقلين، ثم يكون كلاهما إماما فيها، عظيما في اتباعها، لهي عقيدة تتسع لكثير.
الفصل السابع
الصديق والدولة الإسلامية
قلنا في كتابنا «عبقرية عمر»:
إن الدولة الإسلامية تأسست في خلافة أبي بكر رضي الله عنه لأنه وطد العقيدة وسير البعوث. فشرع السنة الصالحة في توطيد العقيدة بين العرب بما صنعه في حرب الردة، وشرع السنة الصالحة في تأمين الدولة من أعدائها بتسيير البعوث وفتح الفتوح. فكان له السبق على خلفاء الإسلام في هذين العملين الجليلين.
Unknown page