ثم أحاطوا به يكلمونه حتى أفاق وأجاب، فكان أول ما فاه به وهو في تلك الحال: ما فعل رسول الله؟
فلاموه وعنفوه، وسألوا أمه أن تطعمه أو تسقيه شيئا يرد إليه نفسه فأبى أن يأكل أو يشرب حتى يعلم ما فعل رسول الله.
قالت: والله ما أعلم بصاحبك.
قال: فاذهبي إلى بنت الخطاب فاسأليها عنه.
فلما جاءتها أنكرتها وأشفقت أن تكون عينا من عيون المشركين عليها وعلى رسول الله. فقالت: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله! ثم عرضت عليها أن تذهب إلى أبي بكر لتسمع منه وتطمئن إلى مقاله. فوجدته صريعا دنفا قد برح به الألم، فغلبها الإشفاق فأعلنت بالصياح وهي تقول: إن قوما نالوا منك لأهل فسق، وإني لأرجو أن ينتقم الله لك.
فما زاد على أن كرر سؤاله الذي لزمه مذ أفاق من غشيته: ما فعل رسول الله؟
قالت وهي لا تزال حذرة من أمه: هذه أمك تسمع!
قال: لا عين عليك منها.
قالت: سالم صالح!
فلم يكفه ذلك حتى يراه بعينه، وسألها: أنى هو؟ فأعلمته بمكانه من دار الأرقم بن أبي الأرقم، وأحب أن يذهب إليه، وكأنه أحس من أمه ممانعة في خروجه وهو بتلك الحال، حتى يتبلغ بشيء ويذوق شرابا يرويه ويقويه، فأقسم لا يذوقن طعاما ولا شرابا أو يرى رسول الله.
Unknown page