ولهذا كان أبو بكر يطيع محمدا فيفهم القرآن، وكان عمر يأخذ بالقرآن أو بما يفهم من مشيئة الله فيناقش محمدا حتى يثوب إلى الفهم الصحيح.
هما قريبان جد قريبين.
ولكنهما ليسا بشيء واحد على كل ما بينهما من اقتراب.
أو هما كما قلنا في ختام الفصل السابق: أبو بكر أول المقتدين، وعمر ثاني المجتهدين، وبذلك يتكافآن ولا نقول يتفاضلان.
نعم يتكافآن ويتعادلان، وهذا الذي نريد أن نؤكده ونجتنب فيه سوء الفهم والتفسير.
فليست المقابلة بين هذين الرجلين العظيمين مقابلة بين قوة وضعف، وقدرة وعجز عن قدرة.
كلا، هذا أبعد ما يخطر على بال أحد يدرك فضائل الرجلين العظيمين ويعرف ما لكل منهما من خلق مكين وعمل جليل.
فإن الضعف «سلبي» لا يجنى منه عمل عظيم.
وصلابة أبي بكر في حرب الردة لم تكن صلابة «سلبية» تقول «لا» في موضع «نعم» ولا تزيد.
ولكنها كانت صلابة تثوب إلى قوة لا شك فيها: قوة مصدرها الاقتداء. هذا لا يهم في وصفها بالقوة وإبعادها من صفة الضعف والعجز عن القدرة ... وإنما المهم أنها قوة فعالة، وأنها قوة عظيمة لا مراء.
Unknown page