وحسبنا من كتابنا هذا أن يكون بنانا تومئ إلى تلك العظمة في آفاقها، فإن البنان لأقدر على الإشارة من الباع على الإحاطة، وأفضل من عجز المحيط طاقة المشير ...
عباس محمود العقاد
الفصل الأول
علامات مولد
عالم
كان عالما متداعيا قد شارف النهاية ... خلاصة ما يقال فيه إنه عالم فقد العقيدة كما فقد النظام ...
أي أنه فقد أسباب الطمأنينة في الباطن والظاهر ... طمأنينة الباطن التي تنشأ من الركون إلى قوة في الغيب، تبسط العدل، وتحمي الضعف، وتجزي الظلم، وتختار الأصلح الأكمل من جميع الأمور ...
وطمأنينة الظاهر التي تنشأ من الركون إلى دولة تقضي بالشريعة، وتفصل بين البغاة والأبرياء، وتحرس الطريق، وتخيف العائثين بالفساد ...
بيزنطة قد خرجت من الدين إلى الجدل العقيم الذي أصبح بعد ذلك علما عليها، وتضاءلت سطوتها في البر والبحر حتى طمع فيها من كان يحتمي بجوارها ...
وفارس قد سخر فيها المجوس من دين المجوس ... وكمنت حول عرشها كوامن الغيلة، وبواعث الفتن، ونوازع الشهوات ...
Unknown page