ما يتمنى طفل - لو جاز أن يتمنى الأطفال - أبوة أرحم ولا أذكى من هذه الأبوة في الحالتين ...
بل كان محمد مثال الأب حيثما كان له نسل قريب أو بعيد، وذكر أو أنثى، وصغير أو كبير.
أرأيت إلى الحسن بن فاطمة، وقد دخل عليه فركب ظهره، وهو ساجد في صلاته؟
إن النبي في صلاته لهو النبي في مقامه الأسنى، وإن النبي في مقامه الأسنى ليشفق أن يشغل الصبي عن لعبه فيطيل السجدة حتى ينزل الصبي عن ظهره غير معجل.
ويسأله بعض أصحابه: لقد أطلت سجودك؟ فيقول: إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله!
أرأيت إلى فاطمة تدخل البيت أشبه الناس مشية بمشية محمد؟
أرأيت إلى حنان يفيض على القلب كحنانه حين يرى فتاة تشبه أباها في مشيته وسمته!
تلك فاطمة بقية الباقيات من الأبناء والبنات، يختصها النبي بمناجاته في غشية وفاته: إني مفارق الدنيا - فتبكي - إنك لاحقة بي. فتضحك ... في هذا الضحك وفي ذلك البكاء على برزخ الفراق بين الدنيا والآخرة أخلص الود والحنان بين الآباء والأبناء.
سرها بنبوته، وسرها بأبوته، فضحكت ساعة الفراق لأنها ساعة الوعد باللقاء ...
وكذلك فارق الدنيا أكرم الأنبياء وأكرم الآباء.
Unknown page