101

ولا يرد إلينا العجب بعد هذا أن يكون شعور خالد بالمرأة هو شعوره ذاك الذي أهدفه للملاحظة والمؤاخذة مرات، وجعل من مؤاخذيه أرغب الناس في عذره والثناء عليه، ونعني به الخليفة الصديق.

وقد كان هذا الشعور لازمه ما يلازم أبناء الثراء من حب الرفاهية وبهجة الحياة، فلم يفرغ من الحرب قط إلا انقلب منها إلى واد ظليل في صحبة زوج محببة إليه، فقضى في وادي الوبر باليمامة أيام الدعة بين زوجيه بنت مجاعة وبنت المنهال، وقضى في دومة الجندل أيام الهدأة بين الوقائع في صحبة ابنه الجودي الحسناء، واستطاب المقام بحمص بعد العزل وآثره على المقام بالحجاز، وأغضب الفاروق؛ لأنه «كان يدخل الحمام فيتدلك بعد النورة بثخين معجون بخمر» فلما لامه الفاروق في ذلك قال: إنا قتلناها فعادت غسولا غير خمر، ثم قال يخاطب عمر:

سهل أبا حفص فإن لديننا

شرائع لا يشقى بهن المسهل

وهل يشبهن طعم الغسول وذوقه

حميا الخمور، والخمور تسلل

وفي كل أولئك هو سليل حق لبني مخزوم ولبيت الوليد، وترجمان صدق لتلك البنية العصبية المتفززة التي تجنح به إلى المتعة في أيام الدعة كما تجنح به إلى البطش في مقام الجلاد والعناد، وتفسر لنا الجندي الذي تميل به القوة الحيوية تارة إلى لقاء الحسان وتارة إلى لقاء الأقران.

وهو نفسه قد أبان عن طويته كلها غير عامد حين قال: «ما ليلة يهدى إلي فيها عروس أنا لها محب أو أبشر فيها بغلام أحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد ...»

فالحرب عنده اشتهاء، والعروس عنده غاية المتاع ...

والحرب في رأيه حسناء تشتهى أبدا ولا تشيب كصاحبة الزبيدي التي تكون مبدئها «فتية تسعى بزينتها لكل جهول» ثم تصبح:

Unknown page