Cabqariyyat Imam Cali
عبقرية الإمام علي
Genres
وطالبوه به ولم يعرفوا من القتلة، ومن هو الذي يؤخذ بدم عثمان من القبائل أو الأفراد ...
وأعنتوه بهذا الطلب؛ لأنهم علموا أنه لا يستطاع قبل أن تثوب السكينة إلى عاصمة الدولة، وأعفوا أنفسهم منه - وهم ولاة الدم كما يقولون - يوم قبضوا على عنان الحكم وثابت السكينة إلى جميع الأمصار. •••
وقد تحدث الإمام مرة في أمر القود من قتلة عثمان، فإذا بجيش يبلغ عشرة آلاف يشرعون الرماح، ويجهرون بأنهم «كلهم قتلة عثمان»، فمن شاء القود فليأخذه منهم أجمعين.
وكان الإمام يقول لمن طلبوا منه إقامة الحدود: «إني لست أجهل ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم، ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم وثابت إليهم أعرابكم، وهم بينكم يسومونكم ما شاءوا، فهل ترون موضعا لقدرة على شيء مما تريدون؟ ...»
ومن قوله لهم: «... إن هذا الأمر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة، وإن الناس من هذا الأمر الذي تطلبون على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتى تهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق، فاهدءوا عني، وانظروا ماذا يأتيكم ثم عودوا.»
ولو أن المطالبين بدم عثمان التمسوا أقرب الطرق إلى الثأر له، والقصاص من العادين عليه، لقد كان هذا أقرب إلى ما أرادوا، يؤيدون ولي الأمر حتى يقوى على إقامة الحدود، ثم يحاسبونه بحكم الشريعة حساب إنصاف.
إلا أنهم طلبوا ما لا يجاب، وما لم يكن من حقهم أن يطلبوه، وليس بينهم أعف ولا أتقى من السيدة عائشة - رضي الله عنها. وقد روي عنها أنها قالت لما أخبرت ببيعة علي وهي خارجة من مكة: «ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لعلي.» تشير إلى السماء والأرض ... ثم عادت إلى مكة وهي تقول: «قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه» ...
فقيل لها: «ولم؟ ... والله إن أول من أثار الناس عليه لأنت ... ولقد كنت تقولين: اقتلوا «نعثلا» فقد كفر.»
فقالت: «إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي اليوم خير من قولي الأول.»
وناهيك بالسيدة عائشة في فضلها ومكانتها وتقواها، فقل ما شئت في المطالبين غيرها بهذا المطلب الذي لا يجاب.
Unknown page