فإن لم يكن هذا ولا ذاك، فهو ضليع بالتبعة التي توجبها عليه نفسه، وقمين أن يذهب إليها ولا ينكل عنها.
وتلك سنة جرى عليها عمر عن علم وقصد، ولم يجر عليها عن بداهة وإلهام وكفى، وأشار إليها في كلامه غير مرة، فقال في خطبة من خطبه ما فحواه: ... كنت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فكنت عبده وخادمه وجلوازه،
19
وكان كما قال الله تعالى:
بالمؤمنين رءوف رحيم . وكنت بين يديه كالسيف المسلول، إلا أن يغمدني أو ينهاني عن أمر فأكف عنه، وإلا أقدمت على الناس لما كان أمره.
فهو جلواز النبي، وسيفه المسلول، كما وصف نفسه.
وهو على أقوم مثال للجندي الفاضل العليم بموقع الطاعة، وموقع المراجعة، وموقع المشاورة، وهو مع التبعة حيث لا مهرب منها، وتلك هي الجندية في صورتها المثلى.
وما نحسبه كان يراجع ويشاور إلا لغرض واحد، وهو الوصول إلى الأمر الذي يحمل التبعة فيه.
Unknown page