ولما سمعت المرأة قول الضابط علمت أنها أمام رئيس حرس فرعون، فقامت إليه وقالت له بتوسل: سيدي ... أأنت حقا رئيس حرس مولانا الملك؟ بحق الأرباب إلا قدتني إليه، لقد فررت يا سيدي مولية وجهي نحو القصر الفرعوني ... إلى أعتاب فرعون التي لا يعجز عطفه شفتي أي مصري أو مصرية لثمها. فسألها أربو: ألك حاجة يا سيدتي تريدين قضاءها؟
فقالت المرأة وهي تلهث: نعم يا سيدي، في صدري سر خطير أريد أن أبوح به لذاته المعبودة.
فأرهف فرعون السمع، وسألها أربو: وما هذا السر الخطير يا سيدتي؟
فقالت بتوسل: سأبوح به إلى ذاته المقدسة. - إني خادمه المخلص الأمين على سره.
فترددت المرأة وقلق بصرها بين الحاضرين، وكانت شاحبة اللون زائغة العينين مضطربة الصدر، فرأى القائد أن يستدرجها بالتي هي أحسن فسألها: ما اسمك؟ وأين تقيمين؟ - أدعى سرجا يا سيدي، وكنت إلى صباح اليوم خادمة في قصر كاهن رع الأكبر. - ولماذا كانوا يطاردونك؟ هل وجه مولاك لك إحدى التهم؟ - إني امرأة شريفة يا سيدي، ولكن كان سيدي يسيء معاملتي ... - وهل هربت فرارا من معاملته لك؟ هل تلتمسين رفع شكواك إلى فرعون؟ - كلا يا سيدي، إن الأمر لأعظم خطورة مما تظن، لقد وقفت على سر خطير فيه ما ينذر مولاي الملك بالخطر، فهربت لأحذر ذاته المعبودة كما يقضي الواجب علي، فأرسل سيدي هؤلاء الجنود ورائي ليقبضوا علي ويحولوا بيني وبين واجبي المقدس.
فارتعدت فرائص الضابط وقال بسرعة يدفع عن نفسه التهمة: لقد أمرنا صاحب القداسة بالقبض على امرأة فارة على ظهر جواد في طريق منف، فصدعنا بما أمرنا دون أن نعلم من أمره ولا أمرها شيئا.
فقال أربو لسرجا: إنك تكادين أن تتهمي كاهن رع بالخيانة!
فقالت المرأة: دعني يا سيدي أصل إلى أعتاب فرعون كي أبوح له بما يضيق عنه صدري.
ونفد صبر فرعون وأشفق من ضياع الوقت الثمين، فقال للمرأة فورا: هل رزق الكاهن بطفل هذا الصباح؟
فتحولت إليه المرأة مدهوشة ذاهلة وتمتمت: ومن أدراكم بهذا يا سيدي، وقد تكتموا الخبر؟ حقا إن هذا عجيب!
Unknown page