84

في هذه القصيدة وأمثالها حيث تجدني تصرفت بالمعاني تصرفا أبعدني عن الأصل لم أكن على الحقيقة معربا بل ناظما متلهيا. وهي من جملة ما نظمت في «بمبي» قبلما زرت الشاعر وعزمت على نشر مختار من شعره. وقد آثرت أن أجعل لها ترجمة نثرية ألتزم فيها الأصل على أن أتعنى نظمها من جديد. وهي أيضا مما سبق لي نشره في مجلة الهلال:

الترجمة النثرية

إنني ليشوقني أن أنطق بالكلمات «العماق» التي (تختلج في صدري)؛ ولكنني أخاف (إن أنا فعلت) أن تضحكي (مني). ولذلك ترينني أهزأ من نفسي وأطير سري شظايا من النكات والإشارات. وإنني لأستخف بألمي لكيلا تستخفي به أنت.

يشوقني أن أخاطبك بأصدق الكلمات التي بودي لو أقولها لك؛ ولكنني لا أفعل، مخافة أن لا تصدقيها. لذلك ألبسها بالكذب، وأقول ضد ما أريد وأعني وأظهر كأن ألمي بلا سبب ولا علة، مخافة أن تري أنت فيه هذا الرأي.

ويشوقني أن أفوه بأثمن الكلمات التي ادخرتها لأجلك؛ ولكنني لا أفعل، خشية أن أغبن وأصفق صفقة الخسران. ولذلك أنتحل لك أسماء وكنى فظة وأفتخر بقوتي وأيدي. ثم إنني أمسك بشيء من الأذى، خشية أن تبقي لا تفقهين للألم معنى.

ويشوقني أن أجلس إليك صامتا، ولكنني لا أستطيع، خشية أن يرقى قلبي إلى شفتي. لذلك أهذر مثرثرا وأخبئ قلبي وراء الكلم. ولا أرفق بألمي مخافة أن يكون مثل ذلك منك.

ويشوقني أن أذهب عنك، وما أستطيع إلى الفرار سبيلا؛ مخافة أن يظهر لك جبني ووجلي. لذلك أرفع برأسي وأشمخ بأنفي وأمثل بين يديك غير مبال ولا مكترث؛ وتلك الطعنات التي تصيبني من عينيك تجدد ألمي حتى الأبد.

وختام القصيدة في التعريب الذي ظهر في الهلال:

قضى الحب جرحي لا يطيب على المدى

وفي عينك النجلاء سهم من الهدب

Unknown page