فقدموا عباد الله فِي الْيَسِير من الْأَيَّام مَا يقيكم الْأَهْوَال الْعِظَام والخطوب الجسام والزلازل والطوام وَالْعَذَاب الغرام فَإِن الْعُمر يسير وَالْأَجَل قصير والزاد قَلِيل والهول جليل وَالْعَذَاب طَوِيل وَالْيَوْم مهول ثقيل
فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون على من قطع أَيَّامه فِي الْعِصْيَان واستبدل الْجنَّة بالنيران وَالرِّبْح بالخسران وَترك الْعِزّ وَرَضي بالهوان وَعوض عَن الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان ففكر فِيمَا تسمع أَيهَا الْإِنْسَان وَأَنا وَأَنت وكلنَا ذَلِك الْإِنْسَان وأنشدوا
(مقَام المذنبين غَدا ذليل ... وَقدر الطائعين غَدا جليل)
(إِذا مد الصِّرَاط على جحيم ... تصول على العصاة وتستطيل)
(ونادى مَالِكًا خُذ من عَصَانِي ... فَإِنِّي الْيَوْم لست لَهُم أقيل)
٧٣ - سُجُود جَهَنَّم
ذكر فِي بعض الْأَخْبَار أَن جَهَنَّم أعاذنا الله مِنْهَا وزحزحنا برحمته عَنْهَا تستأذن يَوْم الْقِيَامَة فِي السُّجُود فَيَأْذَن لَهَا فتسجد مَا شَاءَ الله من ذَلِك ثمَّ يُقَال لَهَا ارفعي فَترفع رَأسهَا وَهِي تَقول الْحَمد لله الَّذِي خلقني لينتقم بِي مِمَّن عَصَاهُ وَلم يَجْعَل شَيْئا من خلقه ينْتَقم بِهِ مني
إلهي قد اشْتَدَّ بلائي وأخمدت نَارِي وغلا حميمي وزقومي وَكثر نتني وغسليني وَأكل بَعْضِي بَعْضًا
إلهي عجل بأهلي فوعزتك لأنتقمن لَك مِمَّن عصاك وَاتبع هَوَاهُ وَجحد آياتك وَكذب رسلك وَجعل مَعَك إِلَهًا غَيْرك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت
فتنادى نِدَاء يسمعهُ أهل الْموقف جَمِيعًا ثمَّ تغتاظ على أهل الْمعاصِي فترمي بشرر كعد النُّجُوم فِي السَّمَاء وزبد الْبَحْر وَرمل الْبر ونبات الأَرْض على رُؤُوس الْخَلَائق فَيَقَع على رُؤُوس العصاة فَمن كَانَ لَهُ عمل صَالح صَار حِجَابا بَينه وَبَين شرر جَهَنَّم وَمن لم يكن لَهُ عمر صَالح صَار رَأسه غَرضا لشرر جَهَنَّم أعاذنا الله مِنْهَا وزحزحنا عَنْهَا برحمته يَا رب الْعَالمين آمين
1 / 47