ذَاك وَالله تعظم الخطوب وَتظهر القبائح والعيوب ويندم أهل الْمعاصِي والذنُوب
وأنشدوا
(لَيْسَ فِي الدُّنْيَا لمن ... آمن بِالْبَعْثِ سرُور)
فَإِن لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون على من بَاعَ نَفسه فِي سوق الخسران وَترك الْعِزّ وَرَضي بالهوان وبذل مهجته لعذاب النيرَان وبارز بالخطايا الْملك الديَّان
٦٩ - من أَسبَاب غفران الذُّنُوب
حُكيَ عَن بعض العارفين ﵀ أَنه قَالَ حضرت سنة من السنين الْوُقُوف بِعَرَفَات فَإِذا بضجة النَّاس فتذكرت يَوْم الْقِيَامَة وَذكرت رَحْمَة الله فَأَرَدْت أَن أَحْلف أَن الله قد غفر لكل من فِي الْجمع فَذكرت أَنِّي فيهم فَأَمْسَكت
وأنشدوا
(يَا كثير الذُّنُوب أقصر قَلِيلا ... قد بلغت المدى من الْإِسْرَاف)
فَإِذا اشْتَدَّ بالخلائق الْهَلَع وَكثر مِنْهُم الْخَوْف والجزع وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر من خوف من يعلم الظَّوَاهِر والسرائر نَادَى الْملك الرَّحْمَن يَا عبَادي لَا خوف عَلَيْكُم الْيَوْم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ
فَإِذا سَمِعت الْخَلَائق هَذَا النداء طمع كل مِنْهُم فِيهِ
فَيَقُول سُبْحَانَهُ ﴿الَّذين آمنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلمين﴾ الزخرف ٦٩ فَعِنْدَ ذَلِك ييأس من الرَّحْمَن جَمِيع الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ والفجار ويطمع فِيهَا من آمن بِالْوَاحِدِ القهار وَاتبع سنة مُحَمَّد الْمُخْتَار
عِنْد ذَلِك تنشر الدَّوَاوِين وتوضع الموازين وتتطاير الصُّحُف فِي الْألف فَكل امْرِئ بِمَا اكْتسب معترف فندم الظَّالِم وخسر الآثم وَظَهَرت فِي الصحائف الفضائح وَكثر الخجل وَاشْتَدَّ الوجل وبدت الفضائح وَشهِدت على كل امْرِئ حفظته والجوارح
وأنشدوا
(طَال وَالله بِالذنُوبِ اشتغالي ... وتماديت فِي قَبِيح فعالي)
(لَيْت شعري إِذا أتيت فريدا ... والموازين قد نصبن حيالي)
(والدواوين قد نشرن وَجِئْنَا ... والنبيون يشْهدُونَ سُؤَالِي)
(مَا اعتذراي وَمَا أَقُول لرَبي ... فِي سُؤَالِي وَمَا يكون مقالي)
(أورثتني الذُّنُوب دَار هموم ... لست أبقى لَهَا وَلَا تبقى لي)
(يَا عَظِيم الْجلَال مَالِي عذر ... بل حقيق أَنا بِنَار السفالي)
٠ - غير أَن الرَّجَاء فِيك مكين ... فَارْحَمْ العَبْد يَا جميل الفعال)
1 / 44