فَمثل لنَفسك يَا مغرور وَقد ترادفت عَلَيْك الهموم والكروب وأحاطت بك الْأَهْوَال والخطوب وأظهرت لَك القبائح والعيوب وأثقلت ظهرك الأوزار والذنُوب وأنشدوا
(قد سودت وَجْهي الْمعاصِي ... وأثقلت ظَهْري الذُّنُوب)
(أورثني ذكرهَا سقاما ... فَلَيْسَ لي فِي الورى طَبِيب)
(يَا شُؤْم نَفسِي غَدَاة حشري ... إِذا أحاطت بِي الكروب)
(وَصَوت دَاع دَعَا باسمي ... أَيْن مفري وَمَا أُجِيب)
(هَذَا كتاب الذُّنُوب فأقرأ ... فَعندهَا تظهر الْعُيُوب)
ذكر أَن العَبْد إِذا خرج من قَبره وجد عمله السوء حزمة وَملك من مَلَائِكَة الْعَذَاب وَاقِف عَلَيْهَا فَإِذا نظر إِلَى مَا قدم فِي أَيَّامه قَالَ لَهُ الْملك يَا عَدو الله خُذ عَمَلك فاحمله على ظهرك كَمَا كنت تلتذ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلم تراقب مَوْلَاك وَقد علمت أَنه مطلع عَلَيْك ويراك فَيَأْخُذ العَبْد الْمِسْكِين تِلْكَ الحزمة فيجدها على ظَهره أثقل من جبال الدُّنْيَا وَالنَّار تسوقه إِلَى الْموقف وَملك يَسُوقهُ سوقا حثيثا بالعنف والانتهار والإغلاظ عَلَيْهِ وَآخر يشْهد عَلَيْهِ مَعَ علم الله تَعَالَى فِيهِ
وأنشدوا
(كَيفَ احتيالي إِذا جَاءَ الْحساب غَدا ... وَقد حشرت بأثقالي وأوزاري)
(وَقد نظرت إِلَى صحفي مسودة ... من شُؤْم ذَنْب قديم الْعَهْد أوطاري)
(وَقد تجلى لهتك السّتْر خالقنا ... يَوْم الْمعَاد وَيَوْم الذل والعار)
(يفوز كل مُطِيع للعزيز غَدا ... بدار عدن وأشجار وأنهار)
(لَهُم نعيم خُلُود لَا نَفاذ لَهُ ... يخلدُونَ بدار الْوَاحِد الْبَارِي)
(وَمن عصى فِي قَرَار النَّار مَسْكَنه ... لَا يستريح من التعذيب فِي النَّار)
(فابكوا كثيرا فقد حق الْبكاء لكم ... لَا يستريح من التعذيب بدمع واكف جاري)
فَالله الله يَا أولي الْأَلْبَاب تَفَكَّرُوا فِي هول يَوْم الْحساب وَلَا تنسوا الْمُطَالبَة برد الْجَواب وَأَشْفَقُوا على أَنفسكُم من أَلِيم الْعَذَاب وأرجعوا إِلَى طَاعَة رب الأرباب وابكوا على مَا سلف من ذنوبكم بانتحاب ٤٦
مُدَّة النفخ فِي الصُّور
ذكر أَن إسْرَافيل ﵇ لَا يقطع النداء فِي الصُّور حَتَّى تخرج الأَرْض
1 / 34