(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: اختلف الناس في التسليم على أهل الذمة؟ قال بعضهم لا بأس به، وقال بعضهم لا ينبغي أن يسلم عليهم. وإذا سلموا ينبغي أن يرد عليهم بالجواب وبه نأخذ. أما من قال لا بأس فاحتج بما روي عن أبي أمامة الباهلي أنه كان لا يمر بأحد من اليهود والنصارى إلا سلم عليهم وقال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإفشاء السلام على كل مسلم ومعاهد، وقال علقمة: أقبلت مع عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه على موضع يقال له سالحين فصحبه تسعة دهاقين من سالحين، فلما دخلوا الكوفة أخذوا في طريق آخر فسلم عليهم فقلت له أتسلم على هؤلاء الكفار؟ فقال نعم إنهم صحبونا وللصحبة حق. وأما من قال إنه لا يسلم عليهم فقد ذهب إلى ما روي عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقوكم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقها)) وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: لا تسلموا على اليهود والمجوس. وروى عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن اليهود إذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم ولا تزيدوا على ذلك)) وقال أنس: نهينا أن نزيد على وعليكم: يعني أهل الكتاب.
وقال الفقيه رحمه الله: إذا مررت بقوم وفيهم مسلمون وكفار فأنت بالخيار إن شئت قلت السلام عليكم وتريد به المؤمنين خاصة وإن شئت قلت السلام على من اتبع الهدى. وقال مجاهد: إذا كتبت إلى اليهودي أو النصراني في الحاجة السلام فاكتب: السلام على من اتبع الهدى.
الباب السادس والثلاثون: في التسليم عند دخول البيت
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: إذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك، وإن لم يكن في البيت أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لأن الله تعالى قال {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله} والآية تقتضي الأمرين جميعا وهو التسليم على الأهل إن كان فيه أحد وعلى نفسه إن لم يكن فيه أحد. وروى سعيد بن جبير عن قتادة قال: إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك فهم أحق من سلمت عليهم وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنه كان يؤمر بذلك. قال: وذكر لنا أن الملائكة ترد عليهم. وروى عطاء قال: سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: إذا قال الرجل ادخل فقل: لا حتى تجيء بالمفتاح، فقلت المفتاح السلام عليكم قال نعم. وروى المغيرة بن شعبة عن إبراهيم أنه قال: إذا دخل الرجل بيته فسلم قال الشيطان لا مقيل لي: يعني لا يبقى لي موضع القرار، فإذا أتى بطعامه فسمى الله تعالى عليه قال الشيطان لا مقيل ولا مطعم، وإذا أتى بشرابه فسمى الله تعالى عليه قال الشيطان لا مقيل ولا مطعم ولا مشرب، فيخرج هاربا خائبا.
الباب السابع والثلاثون: فيما يستحب من اللباس
Page 332