هل أنت إلا أصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت)) (قال الفقيه) رحمه الله تعالى: هذه الأخبار صحيحة ولكنه يحتمل أنه لم يقصد بهذه الأخبار الشعر، ولكنه كلام خرج موافقا للشعر من غير أن يقصد به شعرا، ولأن هذه الأبيات التي رويت عنه إنما هي رجز والرجز لا يكون شعرا، وإنما هي مثل السجع من الكلام.
الباب الرابع والعشرون: في عبارة الرؤيا
(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: من تعلم علم الرؤيا فلا بأس به بعد ما تفقه في الدين وهو علم حسن، وقد من الله تبارك وتعالى على يوسف عليه الصلاة والسلام بعلم تعبير الرؤيا، وهو قوله تعالى {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث} يعني علم الرؤيا. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: عليكم بالتفقه في الدين، والتفهم في العربية، وحسن العبارة: يعني عبارة الرؤيا، ولو كان ذلك يشغله عن علم الفقه فالكف عنه والاشتغال بعلم الفقه أفضل، لأن في علم الفقه معرفة أحكام الله تعالى وعلم الرؤيا بمنزلة فأل يتفاءل به. وروي عن أبي يوسف أنه سئل عن مسألة الرؤيا فقال أبو يوسف: حتى نفرغ من أمر اليقظة ثم نشتغل بأمر النوم, وروي عن محمد بن سيرين أنه كان ربما تقص عليه الرؤيا فيقول: اتق الله في اليقظة فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم. وروى إسماعيل بن علية عن أيوب قال: بلغني عن محمد بن سيرين أن الناس يقولون إنه يقول في الرؤيا ولا يقول في الفتوى، فأمسك عن القول في الرؤيا، ثم قال فيها وقال: إنما هو ظن أظنه فما ظننت له في رؤياه خيرا حدثته إياه. وروى أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا)) ففي هذه الأحاديث دليل على أن تركه لا يضره وإنما هو بمنزلة الفأل.
الباب الخامس والعشرون: في الرؤيا الصالحة وحسن العبارة
Page 322