بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الحمد لله الواحد القهار. العزيز الغفار. مقدر الأقدار. مصرف الأمور مكور الليل على النهار. تبصرة لأولى القلوب والأبصار. الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار وفق من اختار من عبيده فجعله من الأبرار. وبصر من أحبه للحقائق فزهدوا في هذه الدار. فاجتهدوا في مرضاته والتأهب لدار القرار. واجتناب ما يسخطه والحذر من عذاب النار.
أحمده حمدا على جميع نعمائه، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله إقرارا بوحدانيته، واعترافا بما يجب على الخلق كافة من الاذعان لربوبيته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه المصطفى من خليقته، وأكرم الأولين والآخرين من بريته، أكرم الخلق وأزكاهم وأكملهم وأعرفهم بالله تعالى وأخشاهم وأعلمهم به وأتقاهم وأشدهم اجتهادا وعبادة وخشية وزهادة، وأعظمهم خلقا، وأبلغهم بالمؤمنين تلطفا ورفقا، صلوات
1 / 5
الله وسلامه عليه وعلى النبيين وآل كل وصحابتهم أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
أما بعد، فإن الدنيا دار نفاذ لا دار إخلاد، ودار عبور لا دار حبور، ودار فناء لا دار بقاء، ودار انصرام لا دار دوام، وقد تطابق على ما ذكرته دلالات قواطع النقول وصحائح العقول، وهذا مما استوى في العلم به الخواص والعوام، والأغنياء والطغام، وقضى به الحس والعيان حتى لم يقبل الوضوحة إلى زيادة في العرفان:
وليس يصح في الأسماع شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
ولما كانت الدنيا بالحال التي ذكرتها، والعظة التي قدمتها جاء في القرآن العزيز من التحذير من الركون إليها والاغترار بها والاعتماد عليها ما هو أعرف من أن يذكر وأشهر من أن يشهر، وكذلك جاءت الأحاديث النبوية والآثار الحكمية، فلهذا كان الايقاظ من أهلها العباد، وأعقل الناس فيها الزهاد ولقد أحسن القائل في وصفها:
1 / 6
أنظر إلى الأطلال كيف تغيرت ... من بعد ساكنها وكيف تنكرت
سحب البلا أذياله برسومها ... فتساقطت أحجارها وتكسرت
ومضت جماعة أهلها لسبيلهم ... وتغيبت أخبارهم وتنكرت
لما نظرت تفكرًا لديارهم ... سحت جفوني عبرة وتحدرت
لو كنت أعقل ما أفقت من البكا ... حسبي هناك ومقلتي ما أبصرت
نصبت لنا الدنيا زخارف حسنها ... مكرًا بنا وخديعة ما فترت
وهي التي لم تحل قط لذائق ... إلا تغير طعمها وتمررت
خداعة بجمالها إن أقبلت ... فجاعة بزوالها إن أدبرت
وهابة سلابة لهباتها ... طلابة لخراب ما قد عمرت
وإذا بنت أمرًا لصاحب ثروة ... نصبت مجانقها عليه فدمرت
وقال آخر:
ومن يحمد الدنيا لعيش يسره ... فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت على المرء حسرة ... وإن أقبلت كانت كثيرًا همومها
1 / 7
فإذا علم ما ذكرته وتقرر ما وصفته كان حقا على الانسان أن يسلك طريق العقلاء ويذهب مذهب البصراء فنسأل الله الكريم الرؤوف الرحيم أن يمن علينا بذلك ويهدينا إلى أرشد المسالك، وها أنا شارع في جمع كتاب يكون مبينا لسلوك الطريق التي قدمت وسبيلا إلى التخلق بالأخلاق الجميلة التي وصفت، أذكر فيه إن شاء الله تعالى جملا من نفائس اللطائف وحقائق المعارف، وأنثر ما ذكره فيه نثرا ليكون أبعد لمطالعه عن الملل وأقرب للذكرى، ولا التزم فيه ترتيبه على الأبواب فإن ذلك مما يجلب الملل للناظر في الكتاب، وأذكر فيه إن شاء الله تعالى من الآيات الكريمات والأحاديث النبويات وأقاويل السلف المنيرات، ومستجاد لمأثور عن الأخيار من عيون الحكايات والأشعار المستحسنة الزهديات، وأبين في أكثر الأوقات صحة الأحاديث وحسنها وحال روايتها، وبيان ما يخفى ويشكل من معانيها وأضبط ما يحتاج إلى تقييد حذرا من التصحيف وفرارا من التغيير والتحريف.
ثم إني أذكره بإسنادي فيه، لكونه أوقع في نفوس مطالعيه، وقد أحذف الاسناد للاختصار وخوفا من التطويل والاكثار، ولكونه هذا الكتاب موضوعا للمتعبدين ومن ليسوا إلى معرفة الاسناد بمحتاجين بل يكرهونه معظم الحالات لما يلحقهم بسببه من السآمات، وأكثر ما أذكره مما أرويه بحمد الله وفضله بالأسانيد المشهورة المعروفة من الكتب الظاهرة المتداولة المعروفة، وإذا كان في الحديث أو الحكاية لفظة لغة أو إسم شخص قيدتها وأوضحتها بالضبط المحكم وأتقنتها، وما احتاج فيها إلى شرح شرحته وما كان معرضا لأن يغلط في معناه بينته، ويندرج في ضمن هذا الكتاب إن شاء
1 / 8
الله تعالى أنواع في العلوم الشرعية، وجمل من لطائفها الحديثية والفقهية والآداب الدينية، وطرف من علم الحديث ودقائق الفقه الخفية، ومهمات من أصول العقائد، وعيون من نفائس القواعد، وغرائب لطيفة مما يستحسن في المذكورات، ويستحب ذكره في مجالس الجماعات، ومعارف القلوب وأمراضها وطبها وعلاجها، وربما يجيء شيء يحتاج إلى بسط لا يحتمله هذا الكتاب، فأذكر مقصوده مختصرا، أو أحيل بسط شرحه إلى كتاب بعض العلماء ذوي البصائر والألباب وربما أحلته على كتاب صنفته أنا، ولا أقصد بذلك إن شاء الله تعالى التبجح والافتخار، ولا إظهار المصنفات والاستكثار، بل الارشاد إلى الخير والاشارة إليه، وبيان مظنته والدلالة عليه، وإنما نبهت على هذه الدقيقة لأني رأيت من الناس من يعيب سالك هذه وذلك لجهالته وسوء ظنه وفساده ولحسده وقصوره وعناده، فأردت أن يتقرر هذا المعنى في ذهن مطالع هذا التصنيف، وليطهر نفسه من الظن الفاسد والتعنيف وأسأل الله الكريم توفيقي لحسن النيات والاعانة على جميع أنواع الطاعات وتيسيرها والهداية لها دائما في ازدياد حتى الممات، وأسأله ذلك لجميع من أحبه ويحبني لله تعالى وسائر المسلمين والمسلمات وأن يجمع بيننا وبينهم في دار كرامته بأعلى المقامات وأن يرزقنا رضاه، وسائر وجوه الخيرات، اعتصمت بالله، استعنت بالله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم إني أسألك بكل وسيلة، وأتشفع إليك بكل شفيع أن تنفعني وأحبابي والمسلمين أجمعين، بهذا الكتاب نفعا عاما بليغا، يا من لا يعجزه شيء، ولا يتعاظمه أمر وهذا حين شروعي في مقصود الكتاب.
1 / 9
باب في الإخلاص وإحضار النية
في جميع الأعمال الظاهرة والباطنة
قال الله تعالى: (وَما أمِرُوا إلاَّ لِيَعبُدُوا اللهَ مُخلِصِينَ لهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ ويُؤتُوا الزَّكاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةَ) معناه الملمة المستقيمة وقيل القائمة بالحق والله أعلم.
وقال تعالى: (ومَن يَخرُج من بِيِتِه مُهاجِرًا إلى اللهِ ورَسولِه ثم يُدرِكهُ المَوتُ فَقد وَقَعَ أجرُه عَلى اللهِ) .
1 / 11
وقال تعالى: (ربُّكم أعلمُ بَما في نُفوسِكم) .
وقال تعالى: (لَن يَنالَ اللهَ لحُومُها وَلا دِمَاؤُهَا وَلكِن يَناله التَّقوَى مِنكم) .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما معناه ولكن يناله النيات منكم، وقال إبراهيم التقوى ما يراد به وجهه، وقال الإمام أبو الحسن الواحدي قال الزجاج المعنى لن يتقبل الله الدماء واللحوم وإذا كانت من غير تقوى الله تعالى وإنما يتقبل منكم ما ستتقونه به وهذا دليل على أن شيئا من العبادات لا يصح إلا بالنية وهو أن ينوي به التقرب إلى الله تعالى وأداء ما أمر به.
أخبرنا شيخنا الإمام الحافظ أبو البقاء خالد بن يوسف بن سعيد بن الحسن بن المفرج بن بكار المقدسي النابلسي الشافعي ﵁ قال أخبرنا أبو اليمن الكندي أخبرنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ أخبرنا أبو بكر محمد بن سليمان الواسطي حدثنا أبو نعيم عبد بن هشام الحلبي عن ابن المبارك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال:
قال رسول الله ﷺ إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرِىءٍ ما نَوى، فمَن كانت هِجرتُه إلى اللهِ ورسولهِ فهِجرَته إلى اللهِ ورَسولهِ، ومَن كانت هِجرتهُ إلى دنيا يُصيبُها أو امرأةٍ يتزَوَّجها فَهجرَته إلى مَا هاجرَ إليه (هذا حديث متفق على صحته مجمع على عظم موقعه وجلالته وهو أحد قواعد الإيمان وأول دعائمه وأشد الأركان وهو حديث فرد غريب باعتبار مشهور باعتبار آخر ومداره على يحيى بن سعيد الأنصاري: قال الحافظ لا يصح هذا الحديث عن النبي ﷺ إلا من جهة عمر بن الخطاب ﵁ ولا عن عمر إلا من جهة علقمة ولا عن علقمة إلا من جهة إبراهيم بن محمد التيمي ولا عن محمد إلا من جهة يحيى بن سعيد وعن يحيى انتشرت روايته عن أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة ورواه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
1 / 12
﵀ في صحيحه في سبعة مواضع فرواه في أول كتابه في الإيمان ثم في النكاح ثم في العتق ثم في الهجرة ثم في ترك الحيل ثم في النذر، ثم أن هذا الحديث روي في الصحيح بألفاظ: إنما الأعمال بالنيات، إنما الأعمال بالنية، وأما الذي وقع في أول كتاب الشهاب، الأعمال بالنيات وحذف إنما، فقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني لا يصح إسناد هذا، وأما معنى النية فهو القصد وهو عزم القلب، وإنما لفظة موضوعة للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه، فمعنى الحديث لا تصح الأعمال الشرعية إلا بالنية، ومن قصد بهجرته رضاء الله تعالى، ومن قصد بها الدنيا فهي حظه ليس له
1 / 13
غيرها، وفي هذا الحديث اشتراط النية في الوضوء وغيره والغسل والتيمم والصلاة والزكاة والصوم والاعتكاف والحج وغيرها، قال أمامنا أبو عبد الله محمد بن ادريس الشافعي رضي الله تعالى عنه يدخل هذا الحديث في سبعين بابا من الفقه. وقال أيضا يدخل في هذا الحديث ثلثي العلم. وقال أبو عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه يدخل فيه ثلث العلم وكذا ذكره أيضا غيرهما قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في أول كتابه مختصر السنن معنى قول الشافعي رضي الله تعالى عنه يدخل فيه ثلث العلم أن كسب العبد إنما يكون بقلبه ولسانه ونياته. والنية أحد أقسام كسبه وهي أرجحها لأنها تكون عبادة بانفرادها بخلاف القسمين الآخرين لأن القول والعمل يدخلهما الفساد بالرياء ولا يدخل النية. واستحب العلماء رضي الله تعالى عنه عنهم أن تستفتح المصنفات بهذا الحديث وممن ابتدأ به في أول كتابه الإمام أبو عبد الله البخاري ﵀ في أول حديثه في صحيحه الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى. وروينا عن الإمام أبي سعيد عبد الرحمن بن مهدي ﵀ قال لو صنفت كتابا بدأت في أول كل باب منه بهذا الحديث. وروينا عنه أيضا قال من أراد أن يصنف كتابا فليبدأ بهذا الحديث. وروينا عن الإمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي ﵀ فيما قرأته في أول كتابه الاعلام في شرح صحيح البخاري قال كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم حديث الأعمال بالنية أمام كل شيء ينشأ ويبتدأ من أمور الدين لعموم الحاجة إليه في جميع أنواعها. وبلغنا عن جماعات من السلف رضي
1 / 14
الله تعالى عنهم أشياء كثيرة من نحو هذا من الاهتمام بهذا الحديث والله أعلم. وهي أن إسناده شيء يستحسن ويستغرب عند المحدثين وهي أن رواته اجتمع فيهم ثلاثة تابعيون يروي بعضهم عن بعض وهم يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن إبراهيم التيمي وعلقمة بن وقاص وهذا وإن كان مستطرفا فهو كثير في الأحاديث المستظرفة الصحيحة يجتمع ثلاثة تابعيون بعضهم عن بعض وأربعة تابعيون بعضهم عن بعض. وقد جمعها الحافظ عبد القادر الرهاوي ﵀ في جزء صنفه فيها وأنا أرويها وقد اختصرتها في أول شرح صحيح البخاري ﵀. وضممت إليها ما وجدته مثلها فبلغ مجموعها زيادة على ثلاثين حديثا والله أعلم. ومما ينبغي الاعتناء به بيان الأحاديث التي قيل إنها أصول الإسلام وأصول الدين أو عليها مدار الإسلام أو مدار الفقه والعلم فنذكرها في هذا الموضع لأن أحدها حديث الأعمال بالنية ولأنها مهمة فينبغي أن تقدم وقد اختلف العلماء في عددها اختلافا كثيرا وقد اجتهد في جمعها وتبيينها الشيخ الإمام الحافظ أبو عمر وعثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح رحمه الله تعالى ولا مزيد على
تحقيقهقه وإتقانه فأنا أنقل ما ذكره ﵀ مختصرا. وأضم إليه ما تيسر مما لم يذكره فإن الدين النصيحة: ومن النصيحة أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها فمن
1 / 15
فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ولا يبارك له في حال. ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما. وإتقانه فأنا أنقل ما ذكره ﵀ مختصرا. وأضم إليه ما تيسر مما لم يذكره فإن الدين النصيحة: ومن النصيحة أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ومن أوهم ذلك وأوهم فيما يأخذه من كلام غيره أنه له فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ولا يبارك له في حال. ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما.
قال الشيخ أبو عمرو ﵀ بعد أن حكم أقوال الأئمة في تعيين الأحاديث التي عليها مدار الإسلام واختلافهم في أعيانهم وعددها فبلغت ستة وعشرين حديثا.
) أحدها (حديث، إنما الأعمال بالنيات.
) الثاني (عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ:) مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ فَهُو
1 / 16
ردٌّ (.
هذا حديث متفق على صحته رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وفي رواية لمسلم:) من عمل عملًا ليس عليه أمرنا (ومعنى رد مردود كالخلق بمعنى المخلوق.
) الثالث (عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: قال سمعت رسول الله ﷺ يقول:) إنَّ الحَلالَ بيِّنٌ والحرامَ بيِّنٌ، وبَينَهُما مُشتَبَهاتٌ لا يَعلمهُنَّ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فمَن اتَّقَى الشُّبُهاتِ استَبرَأ لِدينهِ يوشِكُ أن يَرتعَ فيهِ ألاَ وإنَّ لِكلِّ مَلكٍ حِمًى، ألاَ وإنَّ حِمى اللهِ محَارمُه، ألاَ وإنَّ في الجسدِ مُضغةً إذَا صلَحت صلَحَ الجسَدُ كلُّه، وإذا فسدَت فسَدَ الجسَدُ كلُّه ألاَ وهيَ القَلبُ (.
هذا حديث متفق على صحته، رويناه في صحيحيهما يوشك بضم الياء وكسر الشين المعجمة أي يسرع.
1 / 17
) الرابع (عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: قال حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق الصدوق:) إنَّ أحَدكم يُجمعُ خَلقِه في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا نُطفةً ثمَّ يكونُ عَلقةً مِثلَ ذلكَ، ثمَّ يكونُ مِن ذاكَ مُضغَةً مثلَ ذلكَ، ثمّ يُرسَلُ المَلَكُ فيَنفُخُ فيهِ الرُّوحَ ويُؤمرُ بأربعِ كلِماتٍ بكَتبِ رزقهِ وأجَلهِ وَعملهِ، وَشقيٌّ أو سعيدٌ، فوالذي لا إلهَ غيرُهُ إنَّ أحَدكم لِيَعملُ بعَملِ أهلِ الجنَّةِ حتَّى ما يكونُ بينَه وبينَها إلاّ ذراعٌ فيَسبقُ علَيهِ الكتابُ فيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ فيَدخلُها وإنَّ أحَدكم ليَعملُ بعَملِ أهلِ النَّارِ حتَّى ما يكونُ بَينَهَ وبينَها إلاَّ ذَراعٌ فيَسبقُ عليهِ الِكتابُ فيَعملُ بعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ فيَدخُلها (رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما قوله بكتب بالباء الموحدة الجارة.
) الخامس (عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال حفظت من رسول الله ﷺ:) دَع ما يَريبُك إلى ما لاَ يريبُك (.
1 / 18
حديث صحيح رواه أبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي، قال أبو عيسى الترمذي حديث صحيح. وقوله: يريبك بفتح أوله وضمه لغتان الفتح أشهر.
) السادس (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ ومن حسنِ إسلامِ المرءِ تركهُ ما لا يعنيهِ (حديث حسن رواه الترمذي وابن ماجة.
) السابع (عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ لا يؤمنُ أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه (متفق على صحته.
1 / 19
) الثامن (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله ﷺ أيُّها النَّاسُ إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبَلُ إلا طيِّبًا، وإنَّ الله تعالى أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ به المرسلين (فقال تعالى: (يا أيُّها الرُّسُلُ كلُوا من الطيِّباتِ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك رواه مسلم في صحيحه.
) التاسع (حديث لا ضرر ولا ضرار رواه مالك مرسلا ورواه الدارقطني وجماعة من وجوه متصلا وهو حديث حسن) العاشر (عن تميم الدارمي رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال:) الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (رواه مسلم) الحادي عشر (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه سمع النبي ﷺ يقول:) ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما هلك الذين من قبلكم
1 / 20
بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم (متفق على صحته.
) الثاني عشر (عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله) دُلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس (حديث حسن رواه ابن ماجة) الثالث عشر (عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله ﷺ لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة (. متفق على صحته) الرابع عشر (عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال:) أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام
1 / 21
وحسابهم على الله تعالى (متفق على صحته) الخامس عشر (عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله ﷺ بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان (متفق على صحته) السادس عشر (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أن رسول الله ﷺ قال لو يعطي الناس بدعواهم لا ادعى رجال أموال قوم ودماءهم لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر (حديث بهذا اللفظ وبعضه في الصحيحين) السابع عشر (عن وابصة بن معبد رضي الله تعالى عنه أنه أتى رسول الله ﷺ فقال له جئت تسأل عن البر والاثم قال قلت نعم قال استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والاثم ما حاك في النفس وتردد في النفس وإن أفتاك الناس وأفتوك. وفي رواية) وإن أفتاك المفتون (.
حديث حسن رواه أحمد بن حنبل والدارمي وغيرهما. وفي صحيح مسلم من رواية النواس بن سمعان رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ قال)
1 / 22
البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس () الثامن عشر (عن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله ﷺ قال) إن الله كتب الاحسان على كل شيء فإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته (رواه مسلم. والقتلة والبحة بكسر أولهما) التاسع عشر (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله ﷺ قال) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (متفق على صحته) العشرون (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) أن رجلا قال للنبي ﷺ أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب. رواه البخاري في صحيحه) الحادي والعشرون (عن أبي ثعلبة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله ﷺ قال) إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء
1 / 23
رحمة لكم فلا تبحثوا عنها (رواه الدارقطني بإسناد حسن.
) الثاني والعشرون (عن أبي ذر ومعاذ رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله ﷺ قال) اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن (رواه الترمذي وقال حديث حسن وفي بعض نسخه المعتمدة حديث حسن صحيح) الثالث والعشرون (عن معاذ رضي الله تعالى عنه قال) قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير. الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه الجهاد
1 / 24
ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله قال فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا فقلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ذروة السنام أعلاه وهي بضم الذال وكسرها) الرابع والعشرون (عن العرباض بن سارية قال) وعظنا رسول الله ﷺ موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة (رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح) الخامس والعشرون (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كنت خلف النبي ﷺ يوما فقال) يا غلام إني أعلمك كلمات. احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم بأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف (رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وفي رواية غير الترمذي) احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم
1 / 25