والثاني خبر الرسل - عليهم السلام - ومن جرى مجراهم من الأئمة الذين قد قامت البراهين والحج من العقل عند ذوي العقول على # صدقهم وعصمتهم، وظهور المعجزات التي لا يجوز أن تكون بنوع من الحيل، وليس في طبع البشر الإتيان بمثلها على أيديهم، فدلت من ليس علم المعقولات والتميز بين المتشابهات من شأنه، على أن هذه الأشياء إنما جرت على أيديهم ليعلم أنهم عن الله - عز وجل - نطقوا، وعليه في إخبارهم عنه قد صدقوا، فتعم الحجة بهم الغافل والجاهل، والمميز والعاقل، فلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ولو لم تكن أخبارهم حجة توجب في عقل من شاهد الأنبياء والأئمة، أو نقلت إليه أخبارهم نقلا يوجب الحجة تصديقها لما قال - عز وجل -: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} ولما أمرهم الله - عز وجل - بطاعتهم فقال: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} لأن الله - عز وجل - لا يأمر بطاعة من يعلم أنه يعصيه، أو يكذب عليه. وقد ذكرنا هذا الباب في كتاب "الإيضاح" بما أغنى عن إعادته والإطالة فيه.
والثالث: ما تواترت أخبار الخاصة به مما لم يشهده العامة فإن تواترهم في ذلك نظير تواتر العامة، وقد بين الله تعالى لزوم ذلك، ووجوب التصديق به فقال: {أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} فجعل علم العلماء - وهم الخاصة به - حجة على العامة.
Page 78