40

Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān

البرهان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

إخراجه بالاجتهاد والإجماع كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ لِأَنَّ دُخُولَ السَّبَبِ قَطْعِيٌّ وَنَقَلَ بَعْضُهُمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ عَلَى وُرُودِ الْعُمُومِ أَثَرًا وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَجْوِيزِ إِخْرَاجِ مَحَلِّ السَّبَبِ بِالتَّخْصِيصِ لِأَمْرَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَلَا يَجُوزُ
وَالثَّانِي أَنَّ فِيهِ عُدُولًا عَنْ مَحَلِّ السُّؤَالِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الشَّارِعِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَى السَّائِلِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ تُعْتَبَرُ النُّصُوصِيَّةُ فِي السَّبَبِ مِنْ جِهَةِ اسْتِحَالَةِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَتُؤَثِّرُ أَيْضًا فِيمَا وَرَاءَ مَحَلِّ السَّبَبِ وَهُوَ إِبْطَالُ الدَّلَالَةِ عَلَى قَوْلٍ وَالضَّعْفُ عَلَى قَوْلٍ
وَمِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا دَفْعُ تَوَهُّمِ الْحَصْرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ مَا مَعْنَاهُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي ما أوحي إلي محرما﴾ الْآيَةَ إِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا حَرَّمُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَأَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَكَانُوا عَلَى المضادة والمحادة جاءت الْآيَةُ مُنَاقِضَةً لِغَرَضِهِمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا حَلَالَ إِلَّا مَا حَرَّمْتُمُوهُ وَلَا حَرَامَ إِلَّا مَا أَحْلَلْتُمُوهُ نَازِلًا مَنْزِلَةَ مَنْ يَقُولُ لَا تَأْكُلِ الْيَوْمَ حَلَاوَةً فَتَقُولُ لَا آكُلُ الْيَوْمَ إِلَّا الْحَلَاوَةَ وَالْغَرَضُ الْمُضَادَّةُ لَا النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَلَّلْتُمُوهُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حِلَّ ما وراءه إذا الْقَصْدُ إِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ لَا إِثْبَاتُ الْحِلِّ
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: "وَهَذَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَلَوْلَا سَبْقُ الشَّافِعِيِّ إِلَى ذَلِكَ لَمَا كُنَّا

1 / 23