Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān
البرهان في علوم القرآن
Editor
محمد أبو الفضل إبراهيم
Publisher
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
مَعَ تَنْزِيلٍ وَمَنْسُوخُ تِلَاوَتِهِ كُتِبَ مَعَ مُثْبَتِ رَسْمِهِ وَمَفْرُوضِ قِرَاءَتِهِ وَحِفْظِهِ خَشْيَةَ دُخُولِ الْفَسَادِ وَالشُّبْهَةِ عَلَى مَنْ يَأْتِي بَعْدُ انْتَهَى
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي القراء وقال حذيفة لِعُثْمَانَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا في الكتاب اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا الصُّحُفَ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا إِلَيْهِ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ قَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ فِي كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ
وَفِي هَذِهِ إِثْبَاتٌ ظَاهِرٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ جَمَعُوا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ وَالَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى جَمْعِهِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ مُفَرَّقًا فِي الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ فَخَافُوا ذهاب بعضه بذهاب حفظته وَكَتَبُوهُ كَمَا سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ غَيْرِ أَنْ قَدَّمُوا شَيْئًا أَوْ أَخَّرُوا وَهَذَا التَّرْتِيبُ كَانَ مِنْهُ ﷺ بِتَوْقِيفٍ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَقِبَ تِلْكَ الْآيَةِ فَثَبَتَ أَنَّ سَعْيَ الصَّحَابَةِ فِي جَمْعِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَا فِي تَرْتِيبٍ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الَّذِي هُوَ فِي مَصَاحِفِنَا الْآنَ أَنْزَلَهُ اللَّهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا
1 / 236