25

Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān

البرهان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Edition

الأولى

Publication Year

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَكُلُّ عِلْمٍ مِنَ الْعُلُومِ مُنْتَزَعٌ مِنَ الْقُرْآنِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ بُرْهَانٌ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ وَقَالَ: أَرَادَ بِهِ أُصُولَ الْعِلْمِ.
وَقَدْ كَانَتِ الصَّحَابَةُ ﵃ عُلَمَاءَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَخْصُوصٌ بِنَوْعٍ مِنَ الْعِلْمِ كَعَلِيٍّ ﵁ بِالْقَضَاءِ وَزَيْدٍ بِالْفَرَائِضِ وَمُعَاذٍ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَأُبَيٍّ بِالْقِرَاءَةِ فَلَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَحْرًا إِلَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ لِاخْتِصَاصِهِ دُونَهُمْ بِالتَّفْسِيرِ وَعِلْمِ التَّأْوِيلِ وَقَالَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى الْغَيْبِ مِنْ سِتْرٍ رَقِيقٍ. وَقَالَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: نِعْمَ تَرْجُمَانُ الْقُرْآنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَعُمِّرَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا ظَنُّكَ بِمَا كَسَبَهُ مِنَ الْعُلُومِ بَعْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ نَعَمْ كَانَ لِعَلِيٍّ فِيهِ الْيَدُ السَّابِقَةُ قَبْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ الْقَائِلُ: لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُمْلِيَ وِقْرَ بَعِيرٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَفَعَلْتُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَأَمَّا صَدْرُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُؤَيَّدُ فِيهِمْ فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَيَتْلُوهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ وَهُوَ تَجَرَّدَ لِلْأَمْرِ وَكَمَّلَهُ وَتَتَبَّعَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ كَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَانَ جِلَّةٌ مِنَ السَّلَفِ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمَا يُعَظِّمُونَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَيَتَوَقَّفُونَ عَنْهُ تَوَرُّعًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنْفُسِهِمْ مَعَ إِدْرَاكِهِمْ وَتَقَدُّمِهِمْ.

1 / 8