Burhan Fi Culum Quran
البرهان في علوم القرآن
Investigator
محمد أبو الفضل إبراهيم
Publisher
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾
وَفِي فُصِّلَتْ: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾
وَحِكْمَةُ فَاصِلَةِ الْأُولَى أَنَّ قَبْلَهَا: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يكسبون﴾ فَنَاسَبَ الْخِتَامُ بِفَاصِلَةِ الْبَعْثِ لِأَنَّ قَبْلَهُ وَصَفَهُمْ بِإِنْكَارِهِ وَأَمَّا الْأُخْرَى فَالْخِتَامُ بِهَا مُنَاسِبٌ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَنْ عَمِلَ شَيْئًا
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يشاء﴾ خَتَمَ الْآيَةَ مَرَّةً بِقَوْلِهِ: ﴿فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عظيما﴾ ومرة بقوله: ﴿ضلالا بعيدا﴾ لِأَنَّ الْأَوَّلَ نَزَلَ فِي الْيَهُودِ وَهُمُ الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ مَا لَيْسَ فِي كِتَابِهِ وَالثَّانِي نَزَلَ فِي الْكُفَّارِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كتاب وكان ضلاهم أَشَدَّ
وَقَوْلُهُ فِي الْمَائِدَةِ: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بما أنزل الله﴾ ذكرها ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَخَتَمَ الْأُولَى بِالْكَافِرِينَ وَالثَّانِيَةَ بِالظَّالِمِينَ وَالثَّالِثَةَ بِالْفَاسِقِينَ فَقِيلَ لِأَنَّ الْأُولَى نَزَلَتْ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَالثَّانِيَةَ نَزَلَتْ فِي أَحْكَامِ الْيَهُودِ وَالثَّالِثَةَ نَزَلَتْ فِي أَحْكَامِ النَّصَارَى
وَقِيلَ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِنْكَارًا لَهُ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْحَقِّ مَعَ اعْتِقَادِ الْحَقِّ وَحَكَمَ بِضِدِّهِ فَهُوَ ظَالِمٌ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِالْحَقِّ جَهْلًا وَحَكَمَ بِضِدِّهِ فَهُوَ فَاسِقٌ
وَقِيلَ الْكَافِرُ وَالظَّالِمُ وَالْفَاسِقُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الْكُفْرُ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ وَاجْتِنَابِ صُورَةِ التَّكْرَارِ وَقِيلَ غَيْرُ ذلك
1 / 87