ففي حال الفريقين ما يدل ذوي البصائر على أن قولنا هو الحق، فإن الله تعالى وصف أهل الحق في كل الأمم بالضعف وقلة المال، ووصف أهل الباطل بالاستكبار وكثرة الأموال والأولاد، فقال في حق قوم نوح: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا}.
وفي قصة شعيب: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا}.
وفي قصة ثمود: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم}.
وفي قوم نبينا صلى الله عليه وسلم : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا}.
وقال قيصر مالك الروم لما جاءه كتاب الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، سأل: هل يتبعه ضعفاء الناس أو أقوياؤهم؟ فقيل له: بل ضعفاؤهم.
فقال: هم أتباع الرسل في كل عصر وزمان، فاستدل بذلك على أنه رسول، مع كونه ملكا كافرا.
السابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الدين أنه يعود في آخر الزمان غريبا بقوله: ((بدأ الدين غريبا وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء)).
وأهل مقالتنا في هذا الزمان غرباء مستضعفون في أكثر الأمصار، يضامون ويضطهدون ويخوفون، فهم كأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الإسلام في الضعف وغلبة أعدائهم لهم.
فصح بما ذكرنا من الوجوه أنهم أهل الحق، وأنهم أتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسالكو الصراط المستقيم، وأنهم الغرباء الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: ((فطوبى للغرباء)).
Page 163