وفي الخبر: أن الله تعالى لما كلم موسى عليه السلام ليلة رأى النار فهالته وفزع منها، فناداه ربه: ((يا موسى، فأجاب سريعا استئناسا بالصوت: لبيك لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت؟ قال: يا موسى أنا فوقك وعن يمينك وعن شمالك وأمامك ومن ورائك)). فعلم أن هذه الصفة لا تكون إلا لله تعالى. قال: فكذلك أنت يا إلهي، كلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي تسمع يا موسى.
وجاء في خبر أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى بم شبهت صوت ربك؟ قال: إنه لا شبه له.
وروي أن موسى لما كلمه ربه ثم سمع كلام الآدميين مقتهم، لما وقر في مسامعه من كلام الله تعالى.
وهذه الأخبار لم تزل متداولة بين عدد من الصحابة والتابعين يرويها بعضهم لم ينكرها منكر فيكون إجماعا.
فإن قيل: فالصوت لا يكون إلا من حرفين، ولا يوصف الله تعالى بذلك.
قلنا: الجواب عن هذا ما أجبنا به عن اعتراضهم على الحروف فيما تقدم، ثم نقول: الصوت ما سمع أو تأتى سماعه، وهذا هو الحد الصحيح، على أن معتمدنا في صفات الله تعالى ما صح به النقل عن الله تعالى وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، ولا نتعدى، ونتبع سنة رسولنا عليه السلام وسنة الخلفاء الراشدين ممتثلين لقوله عليه السلام: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)).
Page 159