ولقد حدثني أبو المعالي أسعد بن منجا، قال: كنت يوما قاعدا عند الشيخ أبي البيان رحمه الله فجاءه ابن تميم الذي كان يدعى: الشيخ الأمين، فقال له الشيخ بعد كلام جرى بينهما: ويحك ما أنجسكم!! فإن الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت.
قالوا: قال الله تعالى وقال رسوله وذكر الشيخ الآيات والأخبار وأنتم إذا قيل لكم: ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس؟
قلتم: قال الأخطل:
إن الكلام من الفؤاد ...
أيش هذا النصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله، وتركتم الكتاب والسنة.
فهذا ببديهة العقل يعرف فساده وإذا تأمله متأمل علم أنه لا شيء.
الحادي عشر: أن هذا الكتاب العربي إذا لم يكن كلام الله فكلام من هو؟!
فصل
فإن قالوا: هذا كلام جبريل. قلنا: هذا فاسد لوجوه:
أحدها: أن المسلمين أجمعين إذا تلوا آية، قالوا: قال الله تعالى: فإن كان هذا قول جبريل، فليقولوا: قال جبريل. وليفصح بذلك هذا القائل ولا ينافق فيعتقد أنه من جبريل، ويظهر موافقة المسلمين في أنه قول رب العالمين.
الثاني: أن هذا بالإجماع كتاب الله. وعلى قوله: هذا كتاب جبريل.
الثالث: أن الحجة عند العلماء إنما هي قول الله تعالى وقول رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وإجماع أمته. وهذا عند هؤلاء ما هو وارد منها فلم يحتج به. وأين تكون الحجة الثالثة؟!
الرابع: أن الله تعالى قال: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق}. وعلى قولهم: ما نزله من ربك، إنما نزله من كلام نفسه وقوله.
Page 153