Bunat Islam
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Genres
ونظرت إلى الأفق المترامي، وقد صحا الجو وصفت السماء إلا من بعض سحب خفيفة كانت منتشرة هنا وهناك، فخيل إلي أن قد ارتسمت من هذه السحب كلمة الجلالة! ولم لا؟ وهذه الخلائق تدعوه وتبتهل إليه، جل شأنه، فكيف لا يجيب الله سؤلها وقد قال:
ادعوني أستجب لكم .
ولا معالم في عرفات إلا الجبل، ومجاري عين زبيدة، وما خلا ذلك وتلك فسماء وصحراء.
أما السماء فقد كانت كما وصفت لك، كانت صافية، يحكي صفاؤها صفاء قلوب المسلمين من حجاج بيت الله الصالحين، وأما الصحراء ومنها الجبل فقد ضمت أولئك جميعا، وهم بين شيوخ ورجال وشبان ونساء وفتيات، من مصريين ، وعرب، وهنود، وجاويين، وفلسطينيين، وسوريين، تجمع بين كل أولئك وحدة الدين ووحدة الإيمان، ووحدانية الله المعبود. فهم في عرفات، وعلى جبل عرفات، كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.
لكن المسلمين مع الأسف لم يفكروا في الاستفادة من هذه الوحدة، فقضوا القرون سنة بعد سنة، وجيلا بعد جيل على عرفات في أكل وشرب وتعبد.
نعم، لم نفكر في الاستفادة من هذا الاجتماع العظيم للتآلف بين المسلمين من كافة الأجناس والأقطار، حتى يرقوا شئونهم من الوجوه السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأدبية.
عين زبيدة
أما عين زبيدة الممتدة مجاريها في عرفات فهي أثر خير أسدته الملكة زبيدة - طيب الله ثراها - برا بالحجازيين والحجاج، بعد أن أدت فريضة الحج، ورأت شدة حاجة أهل الحجاز إلى الماء، فكلفت المهندسين بإنجاز مشروعها الخيري العميم النفع، العظيم الأثر، وهي الملكة المسلمة الوحيدة التي خلدت اسمها على الأجيال والقرون.
وقد كلفها هذا المشروع الجليل خمسة ملايين دينار، وهو ما يعادل ثلاثة ملايين ونصف مليون من الجنيهات.
وفي أعمال البر والخير فليتنافس البررة الخيرون.
Unknown page