شمل الهوى عندي جميع ... وأدمعي أيدي سبا
فاستمعي صبًا خليع ... غنى لعين الرقبا
هذا الرقيب مثواه بطن ... أش لو كان الإنسان مريب
يا منيتي قم نعملو ... ذاك الذي قال الرقيب
ومن موشحاتي التي نسجتها على هذا المنوال قولي
جاءت تغازل بالأجفان والمقل ... فاهتز عطف غرامي وانجلى غزلي
فيالها لحظات للخطا نصبت ... تصيب باللمح قلب الفارس البطل
فقلت يا منيتي وزينتي ... تريد الصبر يوم بيني
كحل بعينيك قالت وهي في خجل ... ليس التكحل في العينين كالكحل
ماست بقامتها يومًا بذي سلم ... والشعر كالعلم المنشور للأمم
فقلت يا قلب أعلام الهوى نصبت ... ها أنت تخطر بين البان والعلم
وأسود الخال مذ تبدا ... في جيدها همت فيه وجدا
قالت وطلعتها كالشمس في الحمل ... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل
سألتها برد ما عندي من الكمدي ... وقلت نار الجوى قد أضعفت جلدي
قالت بريقي أطفيها إذا التهبت ... يا برد ذاك الذي قالت على كبدي
وغرقتني بدمع طرفي ... وقالت اسمع كفيت خلفي
ألم تخف بللا ناديت يا أملي ... أنا الغريق فما خوفي من البلل
بالله يا برق إن أومضت في الثغر ... وحارس اللحظ في شك من الخبر
قف بالثنيات واذكرني إذا عذبت ... تلك النهيلات للوراد في السحر
وارسل عليل النسيم خلفي ... فإنه قوة لضعفي
عسى تصحح جسمًا بالفراق بلي ... فربما صحت الأجسام بالعلل
رقم السوالف يروينا بمسنده ... عن أبرقين الحما أيام معهده
وثغرها قد روى عن طيب مولده ... ورقمتين الحما قد طاب مشهده
والخال أضحى عن المبرد ... يروي حديث العذيب مسند
عن الصفا عن مذاق الشهد والعسل ... عن ذوق سيدنا قاضي القضاة علي
إنسان مقلتها لما رأى كلفي ... بسيفه قد أقام الحد في تلفي
فمت بالسيف قهرًا والحشا نهبت ... لكنني عند موتي قد قوي شغفي
ناديته والدموع طوفان ... وقلت هذا فعال إنسان
إلى م تعجل في قتلي بلا زلل ... فقال لي خلق الإنسان من عجل
هذا الموشح لكون أنه مبني على التضمين، ضمنت في الخرجة المزحلة التي من نظم الحاج علي بن مقاتل الحموي، والتضمين يسمونه عند الزجالة دخولًا وهو قولي:
وغادة أشرق الوادي بطلعتها ... قد رققت غزلي من غزل مقلتها
شكوتها سهرًا قالت وقد سلبت ... عقلي بلطف معانيها وحشمتها
إن كنت سهران من هيامي ... فإنني يا أخا الغرام
اعشق غزال مقلو قد أسهرت مقلي ... وغزل أجفانو رقق حاشية غزلي
قلت: لم أطلق عنان القلم في تدقيق الفرق بين الموشح والزجل، إلا ليتأكد عند الطالب أن التزنيم الذي هو عبارة عن اللحن في الموشح والإعراب في الزجل من الذنوب التي تغتفر للبارع الماهر فإنه غير عاجز عن اجتنابه، ولهذا ما اغتفر للحاج علي بن مقاتل قوله في معارضته رسيله القيم شهاب الدين أحمد الأمشاطي:
خدك وعارضك والثغر يا حسن ... ما وخضره ومنظر حسن
ومطلع الأمشاطي الذي عارضه ابن مقاتل سالم من ذلك وهو:
أسباني في هواك ... وافتني يا حسن
جمالك الجميل ... وخلقك الحسن
وكيف يغتفر للحاج علي بن مقاتل هذا القدر الزائد، وقد عابوا على الإمام أبي بكر بن قزمان استعمال بعض الألفاظ الصحيحة الفصيحة العربية، حيث قال في زجله الذي مطلعه:
ليس هو عندي قوام ... ولا هو فلاح
1 / 5