158

Kitab al-Buldan

كتاب البلدان

Genres

Geography

مكاربه كالزيتون عندكم في منابته، ثم هو في أكمامه كذاك في أغصانه، ثم هو في إبانه كذاك في زمانه، هن الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، الملقحات بالفحل، يخرجن أسفاطا عظاما وأوساطا نظاما، كأنما ملئت رياطا، ثم تفتر عن قضبان اللجين منظومة باللؤلؤ الأخضر، ثم يصير ذهبا منظوما بالزبرجد الأخضر، ثم يصير عسلا معلقا في الهواء، ليس في قربة ولا سقاء، بعيدا من التراب كالشهد المذاب، ثم يصير في أكيسة الرجال فيستعان به على العيال. وأما نهرنا العجب فإنه يقبل عند حاجتنا إليه ويدبر عند رينا منه، وله عباب لا يحجبه، ولا يغلق عنا دونه حجاب.

فقال هشام: بلدكم أكرم بقاع الأرض يا أخا بني تميم، فلما رأى أبو حمران إطراب النشيد في مدح بلدي قطع علي كلامي، وعارضني دون مرادي فقال: والله إن لنا معكم بنخل بيسان ونواحي الأردن لأعظم الشرك في النخل، فما نعبأ به، ولا نراه طائلا فنذكره، وما نصنع بطلب الحجة من بعد ونحن نجدها من قرب هذا الحسن بن هانئ صاحبكم الذي لا تنكرونه، وخريجكم الذي لا تدفعونه يقول في البصرة:

ألا كل بصري يرى أنما العلى

مكممة سحق لهن جرين

فإن يغرسوا نخلا فإن غراسنا

ضراب وطعن في النحور سخين

فإن أك بصريا فإن مهاجري

دمشق ولكن الحديث شجون

لإزد عمان بالمهلب ثروة

إذا افتخر الأقوام ثم تلين

وبكر ترى أن النبوة أنزلت

على مسمع في الرحم وهو جنين

ولا لمت قيسا في قتيبة بعدها

وفخرا به إن الحديث فنون

وأنشد أبو حمران يصف نفسه لما اجتمعوا عليه في المناظرة وهو وحده:

حمول لما حملته غير ضيق

ذراعا بما ضاق الكرام به مسكا

دعاني فأعطاني مودة قلبه

مودته المثلى وفي ماله الشركا

Page 170