هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له ، واقفون فيما قدر عليهم لأفعاله ، وهو عدل منه عزربنا وجل ، والزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المال الحرام والشرك بالله والمعاصي كلها بقضاء وقدر ، من غير أن يكون لأحد من الخلق على الله حجة ، بل لله الحجة البالغة على خلقه ، « لا يسأل عما يفعل وهم يسألون » وعلم الله عز وجل ماض في خلقه بمشيئة منه ، قد علم من إبليس ومن غيره ممن عصاه من لدن أن عصى تبارك وتعالى إلى أن تقوم الساعة المعصية ، وخلقهم لها ، وعلم الطاعة من أهل الطاعة وخلقهم لها. وكل يعمل لما خلق له ، وصائر لما قضى عليه وعلم منه ، لا يعدو واحد منهم قدر الله ومشيئته. والله الفاعل لما يريد ، الفعال لما يشاء.
ومن زعم أن الله شاء لعباده الذين عصوه الخير والطاعة وأن العباد شاءوا لأنفسهم الشر والمعصية ، فعملوا على مشيئتهم ، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلظ من مشيئة الله تبارك وتعالى ، فأي افتراء أكثر على الله عز وجل من هذا؟
ومن زعم أن الزنى ليس بقدر ، قيل له : أرأيت هذه المرأة ، حملت من الزنى وجاءت بولد ، هل شاء الله عز وجل أن يخلق هذا الولد؟ وهل مضى في سابق علمه؟ فإن قال : لا ، فقد زعم أن مع الله خالقا وهذا هو الشرك صراحا.
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل المال الحرام ، ليس بقضاء وقدر ، فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره ، وهذا صراح قول المجوسية. بل أكل رزقه وقضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله.
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز وجل ، وأن ذلك ( ليس ) بمشيئته في خلقه ، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله. وأي كفر أوضح من هذا. بل ذلك بقضاء الله عز وجل وذلك بمشيئته في خلقه ، وتدبيره فيهم ، وما جرى من سابق علمه فيهم. وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد ، ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصغر والقماءة. (1)
Page 160