145

يتحرز عن كلتا الطائفتين ، فليس هنا وجه ثالث يلتجئ إليه أهل الحديث والحنابلة والأشاعرة.

فظهر أن قولهم بأن لله يدا كالأيدي ، لا مفاد صحيح له.

وبعبارة ثالثة : إن لفظة اليد إما مشترك معنوي يطلق على جميع مصاديقه وأفراده من الواجب والممكن بوضع ومعنى واحد. أو مشترك لفظي يجري على كل من الواجب والممكن بمعنى ووضع خاص.

فعلى الأول يجب أن يكون بين يد الإنسان ويد الواجب وجه مشترك وهو عين القول بالتشبيه.

وعلى الثاني يجب أن يكون المعنى الذي يجري على الإنسان مبائنا لما يجري على الله سبحانه فهل هو البخل والجود؟ فهذا هو التأويل بزعمكم ، أو غيرهما فبينوه لنا ما هو؟

الصحاح والمسانيد ومسألة التشبيه والتجسيم

ربما يتصور القارئ أن أمثال كتاب « السنة » لابن حنبل وكتاب « التوحيد » لابن خزيمة ، تشتمل على أحاديث التشبيه والتجسيم ، وأما الصحاح فهي خالية عن هذه الأساطير. ولكنه إذا سبرها سرعان ما يرجع عن هذه الفكرة ويرى أن الصحاح كلها وعلى رأسها الصحيحان قد زخرت بها ، حتى مع غض النظر عن رؤية الله بهذه العيون المادية على ما رووا عن رسول الله من أنه قال : « إنكم ترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر » فالصحاح أيضا تزخر بأحاديث التشبيه والتجسيم والجبر وما أشبه ذلك التي ورثها الرواة المسلمون من اليهود المجسمة والمجبرة ... وإليك نماذج من ذلك :

** 1 إن لله مكانا

قد احتل تحيزالله سبحانه بمكان معين في الصحاح مكانة عظيمة فتارة ترى أن مكانه حيال المصلي وأمام وجهه ، وأخرى بأنه فوق العرش وهو يئط

Page 151