23

Bughyat al-multamis fī subāʿiyyāt ḥadīth al-Imām Mālik b. Anas

بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس

Editor

حمدي عبد المجيد السلفي

Publisher

عالم الكتب

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م

Publisher Location

بيروت

Genres

Ḥadīth
وَكَذَلِكَ مَا يُحْتَجُّ بِهِ مِنْ رِحْلَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ وَالتَّابِعِينَ فِي سَمَاعِ أَحَادِيثَ مُعَيَّنَةٍ إِلَى الْبِلادِ مِمَّا يَطُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ سِيَاقُهَا، فَلا دَلِيلَ فِيهِ أَيْضًا، لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَوَازِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الأَحَادِيثُ لَمْ تَتَّصِلْ مِنْ كُلِّ رَجُلٍ نِسْبَتُهَا مِنْ جِهَةٍ صَحِيحَةٍ، فَكَانَتِ الرِّحْلَةُ لِتَحْصِيلِهَا لا لِلْعُلُوِّ فِيهَا.
نَعَمْ لا رَيْبَ فِي اتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى الرِّحْلَةِ إِلَى مِنْ عِنْدِهِ الإِسْنَادِ الْعَالِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ ذَلِكَ بِنُزُولٍ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنَ الشَّيْخِ الَّذِي يَرْحَلُ إِلَيْهِ، وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ عَمَلِهِمْ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ أَيْضًا لِتَرْجِيحِ الإِسْنَادِ الْعَالِي مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَنْقِيصَ جِهَاتِ الْخَلَلِ فِي الإِسْنَادِ، فَإِنَّهُ كَافٍ فِي تَرْجِيحِ الْعُلُوِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
ذَكَرَ الْعَلامَةُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّلاحِ ﵀ فِي كِتَابِهِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ قَرَأْتُهُ بِكَمَالِهِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنْ مُصَنَّفِهِ حُضُورًا فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ عُلُوَّ الْحَدِيثِ يَنْقَسِمُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: أَوَّلُهَا: الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ غَيْرِ ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَجَلُّ أَنْوَاعِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ: قُرْبُ الإِسْنَادِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَثَانِيهَا: الْقُرْبُ مِنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَمَالِكٍ وَشُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَالْحَمَّادَيْنِ وَأَمْثَالِهِمْ، وَإِنْ كَثُرَ الْعَدَدُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ الإِمَامِ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْعُلُوِّ، وَفِي كَلامِهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لا يَعْتَبِرُ غَيْرَ هَذَا النَّوْعِ، وَلَكِنَّهُ مُتَأَوِّلٌ.

1 / 45