نعود فنقول إن اللغة العربية قد عرفت قوانينها العلمية وقواعد استخدامها، منذ القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) وما بعده، ولكنها لم تجد من يفلسف لها تلك القوانين والقواعد، بالمعنى الذي حددناه فيما أسلفناه لطبيعة الفكر الفلسفي، اللهم إلا جوانب قليلة متفرقة، وكان عليها أن تنتظر المحاولة الوحيدة الجادة في هذا السبيل، عند «ابن جني» في كتابه «الخصائص»، وماذا تكون فلسفة اللغة إلا البحث عن الخصائص المشتركة بين متفرقات القوانين والقواعد. وكان من الجوانب القليلة المتناثرة في طريق الفكر الفلسفي عن اللغة العربية، قبل خصائص ابن جني، ذلك الحوار بين رجال الفكر عن اللغة من حيث مفرداتها، أهي «توقيف» أم «اصطلاح»؟ ومعنى السؤال هو: هل جاءت مفردات اللغة وحيا من الله سبحانه وتعالى إلى الإنسان متمثلا في آدم عليه السلام، أو أن تلك المفردات إنما جاءت نتيجة اتفاق على مر الأيام، بين أبناء اللغة المعينة؟ وكانت الكفة الراجحة في ذلك لأصحاب «التوقيف»، والعجيب أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون كان قبل ذلك بعدة قرون، قد خصص إحدى محاوراته، وهي محاورة «إقراطيلوس» لهذا الموضوع نفسه، وأخذ بما يشبه مذهب التوقيف؛ لأنه حاول البرهنة على أن مفردات اللغة إنما اشتقت اشتقاقا مباشرا، من طبائع الأشياء التي جاءت تلك المفردات اللغوية لتشير إليها، وإننا لنذكر هنا على سبيل التمجيد، أن «ابن جني» قد ذهب المذهب الآخر، الذي هو أن اللغة نتيجة اتفاق اصطلح عليه الناس وكذلك كان مما يقترب من فلسفة اللغة، منذ اشتغال العلماء بدراسة اللغة العربية دراسة «علمية»، ذلك النقاش الحاد، الذي دار بين علماء اللغة في البصرة من ناحية، وعلمائها في الكوفة من ناحية أخرى، حول الأساس الذي تقام عليه الأحكام بالصواب أو بالخطأ في الاستعمال اللغوي، فبينما كانت جماعة الكوفة (بسبب كونهم عربا خلصا) يرون أن الأساس في التفرقة بين صحيح وخاطئ في اللغة، هو الطريقة التي اتبعتها العرب في الجاهلية، كما نراها متمثلة فيما خلفوه من شعر بصفة خاصة: فما قاله العرب الأولون هو الصواب، وما لم يقولوه هو ما لا يجوز للخلف أن يقولوه، في حين أن جماعة البصرة، قد حاولت على أيدي الخليل وسيبويه، أن يقيموا أساسا «عقليا» يبين متى يكون الصواب صوابا والخطأ خطأ، ويمكن تطبيقه على القدماء أنفسهم؛ إذ لا يكون من التناقض أمام ذلك الأساس العقلي، أن يقال عن شاعر قديم أنه أخطأ في كيت وكيت مما استخدمه في شعره من كلمات وتراكيب.
وبعد هذه الفرشة التمهيدية التي فرشتها عن اللغة «علما» و«فلسفة»، أرجع بالقارئ إلى حيث كنا في بداية الحديث، حين أنبأته كيف ولماذا اخترت موضوع «فلسفة اللغة» للمحاضرة طوال عام دراسي كامل، مع طلبة الدراسات العليا في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ولقد أدرت المحاضرات حول محورين أساسيين، تتفرع منهما الفروع؛ فأما المحور الأول فقد كان عن «علمية» اللغة، فماذا توجب علينا الوقفة العلمية الخالصة أن نفعله إزاء اللغة؟ إن اللغة - كما قلنا - هي ظاهرة اجتماعية كأي ظاهرة أخرى تنشأ من تفاعل الناس بعضهم مع بعض عندما يشتركون في حياة واحدة، وقد كان يمكن لظاهرة اللغة في أمة بعينها - كالأمة العربية مثلا - أن تقوم قائمتها في مجرى الحياة العملية، بحيث يعرف أبناء اللغة كيف يتبادلون بها الحديث، فيفهم كل عن كل ما يريد أن ينقله إليه، أقول: إن تلك الحياة العملية للغة كان يجوز لها أن تقوم، دون أن يتصدى لها أحد من رجال العلم بالنظر، ليستخرج مما هو قائم بالفعل ما استبطن فيه من قوانين وقواعد، وعندئذ يكون بين الناس لغة، ولا يكون لتلك اللغة علومها عند العلماء، أما وقد تصدى للغة العربية في القرن الثاني الهجري وما بعده، من تصدى من علماء، فقد أصبح لدينا «علوم» للغة العربية، تضبط طرائق استعمالها، ولو أن تلك اللغة كانت على غير ما كانت عليه، لاختلفت عند علمائها تلك القوانين الضابطة؛ فعالم اللغة لا يسن لها قوانينها على نحو ما تسن الدولة قوانين القضاء في المحاكم، لتكون هي الأوامر والنواهي وقد هبطت على رءوس الناس من عل، كلا بل يستخرج العالم من الظاهرة التي بين يديه قوانينها من جوف الظاهرة نفسها، فقواعد النحو العربي كانت متجسدة في أقوال فعلية قالها العرب، فكانت المشكلة الأولى التي طرحتها بين أيدي الطلاب، لا لأملي فيها رأيا، بل لنجعلها معا موضع تدبر وتفكير؛ لأنها - في الحق - مشكلة تنطوي على مفارقة قد تستعصي على الحلول العقلية النظرية، فلا يبقى أمامنا إلا أن نحتكم فيها إلى جوانب أخرى من حياتنا غير جانب العقل الخالص، والمشكلة هي هذه: أن الناس على أرضنا، ممن يشكلون الشعوب العربية، ويشكلون - بالتالي - الأمة العربية في صورتها الراهنة، يستخدمون لغات تقرب من العربية المأثورة حينا، وتبعد عنها حينا، فماذا تكون الوقفة العلمية العقلية الخالصة إزاء هذه اللغات العربية في صورها الجديدة؟ ألا تكون تلك الوقفة مماثلة تماما لوقفة علماء اللغة العربية في القرن الثاني الهجري وما بعده، إزاء اللغة العربية كما وجدوها آنئذ؟ وإذا كان هذا هكذا، أفلا يكون واجب العلم اليوم كواجبه بالأمس، وهو أن ينكب رجاله على اللغة كما هي قائمة في كل مجموعة سكانية من الوطن العربي، فيستخرجوا من جوف ما هو قائم، قواعده المستبطنة فيه؟
نعم، إن هذا - كما يبدو للوهلة الأولى - هو ما يوجبه منطق العقل المنزه عن الهوى: وإنه هو ذاته ما أخذت صيحات الدعاة في أوروبا وفي أمريكا تنادي بوجوب الأخذ به، كل في لغته، ولقد أتيح لكاتب هذه السطور أن يطالع كثيرا مما كتبه هؤلاء الدعاة الجدد ترويجا للفكرة القائلة بأن اللغة - أي لغة شئت - إنما خلقت لأداء وظائف معينة، فما يؤدي تلك الوظائف في أي عصر لأي شعب، يكون هو لغته التي تستوجب عناية علماء اللغة في ذلك الشعب، وإنه لمن العسف أن تأخذ ظاهرة لغوية في عصر معين لشعب معين، بقواعد كانت قد استخرجت من ظاهرة لغوية أخرى في عصر آخر، بل أتيح لكاتب هذه السطور أن يتعقب فيما مضى، حركة شاعت إلى حد ملحوظ بين مدرسي اللغة في بلد أوروبي، وهي أن يحاسبوا تلاميذهم فيما يكتبونه، لا على أساس القواعد الموروثة عن قرون سلفت، بل على أساس الميزان الجديد، وهو عندهم: هل أدت العبارة المعينة ما أريد لها أن تؤديه كاملا غير منقوص ولا غامض، فإن كان الجواب بالإيجاب، كان للعبارة صوابها.
لكنني حين طرحت المشكلة على هذا النحو بيني وبين طلابي في ذلك العام، ألحقتها بوجه آخر من أوجه الموضوع: وهو أن سألتهم: أحقا خلقت اللغة لتقضي حوائج اليوم الراهن بين الناس وكفى؟ إن حياة الإنسان لا تقتصر على يومه، بل تمتد من الخلف إلى أمسه؟ كما تمتد من الأمام إلى غده؟ فإذا صدقت هذه الرؤية، وجب أن يؤخذ الماضي والمستقبل في الاعتبار، عند النظر في لغة ما من حيث صلاحية قيامها أو وجوب مجاوزتها إلى سواها، ولم نلبث طويلا، حتى انتهينا معا إلى جواب قاطع عن موقفنا من اللغة العربية في هذا الصدد، وهو أنها هي اللغة التي تحمل ماضينا الثقافي، وبتلك اللغة جاء القرآن الكريم، وجاءت أحاديث الرسول عليه السلام، وجاء الشعر العربي وغير الشعر من أدب أبان عبقرية تلك اللغة في الأداء، على أن ذلك كله لا ينفي أن يضاف جديد قديم، حتى يكون لعصرنا كل ما يستحقه من اعتبار عند أبنائه، الذين كتب لهم أن يحيوا على أرضه وتحت سمائه.
كان ذلك عن المحور الأول، من المحورين اللذين - كما أسلفت - كانا مدار محاضراتي عبر فلسفة اللغة التي أشرت إليها، وكانت له - بالطبع - تفريعاته الكثيرة، التي انعرجت بنا نحو فطرة الإنسان التي طبعت فيه من حيث هو إنسان، وما تؤدي إليه تلك الفطرة في عملية التقاط الطفل لغته الأم، وغير ذلك من فروع الحديث، فلقد اختلف الفلاسفة المحدثون بصفة خاصة في كل هذه الأمور، كل ذهب فيها مذهبا يتفق مع وقفته الفلسفية الشاملة، مما لا تدعو الضرورة إلى ذكره الآن.
وأما الذي تدعو الضرورة إلى ذكره، فيما يختص بالمحور الثاني، فهو وضع اللغة «العامية» في الميزان، لنرى حقيقة أمرها في دقة، ما استطعنا إلى هذه الدقة سبيلا، وإنه ليطيب لي في هذا المقام، أن أذكر موقفا في حياتي الفكرية، خاصا بالفصحى والعامية، إما أن أكون قد أسأت التعبير عما أردت قوله، فساء الظن عند قرائه، وإما أن يكون التسرع في القراءة هو الذي أخرج هؤلاء القراء بما خرجوا به؛ وذلك أني في كتابي «تجديد الفكر العربي» (1970م) خصصت فصلا للغة، قلت فيه ما خلاصته أن الكاتبين بالفصحى، استعصى عليهم أن يطوعوها لتساير الحياة الجارية، فنتج عن ذلك أن سارعت العامية بحيويتها إلى أن تلتقط الخيط، فوجد فيها أنصارها أداة ألين وأطوع في صدق التعبير عن النبض الحي، فاستخدموها، وكأنها عندهم تصلح بديلا للفصحى في عجزها، فتوهم كثيرون، أني بهذا القول أدعو إلى العامية على حساب الفصحى، وواقع أمري هو أبعد ما يكون عن ذلك؛ إذ كان كل ما أردته هو وجوب أن تنهض الفصحى نهضة تساير بها عصرها، حتى لا يظن بها عجز أو قصور.
لم تكن مصادفة عفوية أن نجعل المحور الثاني لسلسلة المحاضرات التي أشرف عليها، يتضمن محاولة التعريف الدقيق لمفهوم «اللغة»، وكان الهدف من تلك المحاولة هو أن نتجه بالنتيجة التي نصل إليها نحو «العامية» في العربية وغير العربية؛ إذ يكاد يكون أمرا شاملا لسائر شعوب الدنيا ، أن تزدوج بهم لغاتهم، بحيث يخصص أحد الوجهين للغة المنضبطة بأحكامها، والتي بها تكون الكتابة في مجالات العلم والفكر، والأدب الرفيع، ويخصص الوجه الآخر المتراخي في ضوابطه، لشئون الحياة الجانبية، وكذلك لبعض الصور الأدبية الشعبية التي لا يكون من حظها أن يدوم لها ذكر في صفحات التاريخ الأدبي، فإذا نحن اتجهنا بنتيجة البحث في مفهوم كلمة «لغة» نحو «العامية»، كان سؤالنا عندئذ هو: هل تعد «العامية» لغة بناء على تلك النتيجة التي وصلنا إليها؟ فإذا وجدناها لا تندرج تحت هذا المفهوم في دقة تعريفه، استرحنا من مشكلة ما تنفك قائمة بين الأدباء والنقاد عندنا، حول سؤال كهذا: هل يجوز للكاتب أو للشاعر أن يبدع ما يبدعه في «عامية» مصرية أو غير مصرية على مدار الشعوب العربية ما دمنا نتحدث عن ثقافة عربية؟
وإن نظرة فاحصة لعناصر الموقف لترتد إلينا بجواب قاطع، لا أدري كيف يمكن أن يدحض ويرفض؛ وذلك أننا لا نكاد نفرق بين «اللغة» من ناحية وصور «استخدامها» من ناحية أخرى، حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فهنالك لغة عربية رصدت مفرداتها في معاجمها، رصدا يقبل الزيادة كلما كانت زيادة، بل وربما يقبل الحذف أيضا كلما طال الزمن على لفظة أخرجها التاريخ من حياة الناس، ثم هنالك قوانين اللغة وقواعدها في كل جانب من جوانب العلوم التي تقنن اللغة، وربما جاز لنا أن نضيف إلى تلك العلوم الخاصة باللغة الفلسفة التي تكشف عن الجذور الأولية الكامنة في تلك العلوم، والتي في استطاعتها أن تضم تلك العلوم اللغوية المتفرقة في «مبدأ» واحد، وتلك هي «اللغة العربية»، وأما ما تراه من مكتوب بها، وما تسمعه من منطوقه فهو صور من استعمالاتها، كل صورة منها تنتمي إلى كاتبها أو قائلها؛ فدواوين الشعر العربي - مثلا - ليست هي «اللغة العربية»، وإنما هي صور منها استخدمها الشعراء كل شاعر بصورته، ثم بقيت بعد ذلك «اللغة العربية» تعرض نفسها لمن يأخذ، دون أن تنقص هي بما أخذ منها، ولأضرب لذلك مثلا أو مثلين لأوضح هذه التفرقة الخافية، التي قد يتعذر تصور إدراكها للوهلة الأولى: خذ مثلا أستاذا عالما في مادة علمية معينة، كالتاريخ الإسلامي مثلا، يحاضر طلابه مغترفا من محصوله العلمي، فكل طالب ممن يستمعون إليه، سيخرج بما أعانته قدرته على أن يأخذ، ويبقى علم الأستاذ في رأسه كما كان، بل ربما ازداد دقة ووضوحا بما أعطى، ومن هنا قيل قديما «العلم يزكو بالإنفاق». إن أي طالب واحد من الذين أخذوا عن الأستاذ لا يصبح هو «الأستاذ بناء على ما أخذ، وهكذا يكون ينبوع» اللغة العربية، قائما هناك، فإذا نضح منه ناضح ليقول شعرا أو نثرا، أو ليتحدث مع من يتحدث إليه، فذلك كله إنما هو إحدى صور الاستعمالات التي يبلغ عددها ما يبلغ عدد الذين يستخدمون اللغة العربية كلاما وكتابة، من الطفل الذي يلثغ بجملة أو جملتين فصاعدا إلى المتنبي وأبي العلاء. وخذ مثلا آخر: صندوق به عدد من المكعبات المرسومة على جوانبها رسوم، والتي نقدمها لأطفالنا الصغار، ليقيموا من تلك المكعبات بيوتا وغير بيوت، مما يمكن أن يقام من تلك الوحدات، فهذا طفل قد شيد من مكعبات الصندوق بيتا، ثم انصرف ليأتي طفل آخر يقيم منها حظيرة للسيارات، ثم انصرف ليأتي طفل ثالث فيبني مطارا أو مسجدا أو محطة للقطارات، ثم جاء من جمع المكعبات ليضعها في صندوقها؛ فالصندوق بما احتوى عليه من وحدات، هو الذي يقابل «اللغة»، والمشيدات التي ابتناها الأطفال، كل بما أملى عليه مزاجه، تقابل الاستخدامات الكثيرة المنوعة للغة على ألسنة أبنائها أو أقلامهم.
والشرط الأساسي فيما يصح له أن يكون ينبوعا لغويا، يأخذ منه من شاء وبقدر ما استطاع، هو أن تكون المادة اللغوية في ذلك الينبوع مقننة، فمفرداتها معلومة ومرتبة، وقواعد نحوها وصرفها واشتقاقها قد استخرجت منها وصيغت بحيث يدرسها الدارسون، فتكون هي فيصل الصواب والخطأ، وذلك التقنين هو الذي جعلنا اليوم نقرأ ما كتبه العربي منذ خمسة عشر قرنا، فنفهم عنه ما أراد، بالدقة نفسها التي فهم عنه بها معاصروه.
والعامية لا تحقق شيئا من هذا الشرط الضروري للغة، التي تصلح أداة للعلم والفكر والأدب الرفيع، وإلا فهل نتصور العامية وقد كتب بها التاريخ أو الفقه، أو القانون، أو الفلسفة، هل نتصور العامية وقد كتبت بها علوم الفيزياء، والجيولوجيا، وعلوم الحيوان والنبات والطب والهندسة؟ هل نتصور العامية وقد كتبت بها الصحف والمجلات؟ حاول أن تكتب خطابا بالعامية الخالصة، وانظر كم ينفر منك القلم، وكم تتأذى عيناك ويتعثر لسانك وأنت تراجع ما قد كتبت، ففيم الضجة التي نقيمها حول مشكلة تحل نفسها بنفسها؟ أهي مشكلة جاءت لتنحصر في أزجال الزجالين وفي بعض الروايات والمسرحيات، إننا لا نريد أن ننكر على العامية ما تستطيعه في أمثال تلك الضروب من القول، وهو قول لا يخلو في هذه الحالة من أن يتجاوب معه وجدان شريحة عريضة من الجمهور، لكنه إلى هنا وفي هذا الحد المحدود تنتهي المشكلة، وأما الخلود النسبي الذي يظفر به الأدب الرفيع، كما تظفر به طائفة كبيرة من الكتابة العلمية، كالذي أبقاه لنا فقهاء الشريعة وعلماء اللغة ونقاد الشعر، وغير ذلك، فهو موقوف على ما قد صيغ من «اللغة» المنضبطة بقوانينها وقواعدها، وعلى من اختار العامية أداة، أن يقنع بعصره المحدود؛ لأن الستار الذي ينسدل ليطوي ذلك العصر عند ختامه، هو نفسه الستار الذي سوف يطوي العامية وأصحابها.
Unknown page