Breathing the Breeze of Intimacy from the Scents of the Fields of Holiness

Ibn Rajab al-Hanbali d. 795 AH
100

Breathing the Breeze of Intimacy from the Scents of the Fields of Holiness

استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس

Investigator

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

Publisher

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Genres

[الخوف والحب] (١) ولذلك كان السَّلف يقدمون درجة الخوف عَلَى الشوق، كما روى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن واقد العابد مولى أم البنين قال: "قال لي رجل من العباد: ما رأيت القلوب بشيء أنقى جلاء منها بالخوف. قلت: فالشوق؟ قال: قد يشتاق وصدى الرين عَلَى قلبه". قال: والرين يعني الذنب عَلَى الذنب. وكذلك كانت حالة العُلَمَاء الربانيين كالحسن وسفيان وأحمد وغيرهم، يظهر عليهم الخوف ولوازمه ويكثر كلامهم فيه ويقل كلامهم في المحبة وظهور آثارها عليهم أيضًا، حتى حذر طوائف من العُلَمَاء ممن يكثر دعوى الشوق والمحبة بغير خوف لما ظهر منهم من الشطح والدعاوي؛ بل والإباحة والحلول وغير ذلك من المفاسد، والله -سبحانه- أعلم. ولهذا "كان أبو عبد الله بن الجلاء -وكان من كبار العارفين- إذا سئل عن المحبة قال: أنا ما لي وللكلام في المحبة، وأنا أريد أن أتعلم التوبة". ويقال: إن أول من أظهر الكلام في المحبة والشوق وجمع الهمة وصفاء الفكر، وتكلم به عَلَى رؤس الناس: أبو حمزة الصوفي، وكان من أعيان العارفين أيضًا، وكان يجتمع بالإمام أحمد كثيرًا، وكان أحمد يسأله ويقول [له] (٢): ما تقول يا صوفي؟ ﵃ أجمعين. وكان عباد البصري بعد طبقة الحسن وأصحابه كعبد الواحد بن زيد وأصحابه عتبة وضيغم وغيرهما يظهر منهم المحبة كثيرًا مع شدة الخوف أيضًا وكذلك رابعة العدوية والفضيل وداود الطائي وغيرهم.

(١) هذا العنوان ليس في الأصل، وهو من تصرف محقق المطبوع. (٢) من المطبوع.

3 / 389