292

Bismarck

بسمارك: حياة مكافح

Genres

وما كان شوالوف لينثني؛ ففي اليوم التالي أتت برقية من القيصر - كما طلب شوالوف لا ريب - التمس فيها القيصر إسكندر من بسمارك أن يتوسط قائلا فيها إنه يعد ذلك آية على إخلاصه، وماذا على بسمارك أن يصنع؟ وبسمارك منذ زمن قليل كان قد كتب إلى سفيره ببطرسبرغ يقول له: «إن عاهلا قريبا منا كالقيصر إسكندر يجب أن يعد من قبلكم ومن قبلي صاحب حق على الدوام، وذلك كما يعترف لإحدى السيدات.»

وقد جعلت محاولة قتل الإمبراطور ولهلم أمر القانون اللاشتراكي ممكنا، ويشعر بسمارك بأن وضعه الداخلي اشتد، ومن المحتمل أن يكون قد أثر في بسمارك حقده على غورشاكوف فأبصر وجوب جلوسه تحت رئاسته إذا ما عقد مؤتمر، وبسمارك كما في فرساي قال «نعم» حيث كان قد قال «لا» مخالفا بذلك إحدى صفاته البارزة، ويعمل بسمارك ذهنه، فيملي على ابنه في خمس وعشرين دقيقة برنامج مؤتمر برلين.

ويخاطب بسمارك الرأي العام بقوله: «سنمثل دور السمسار الشريف»، ويقرأ بليشرودر هذا فيهز رأسه مرتابا ويقول عن حنكة: «لا وجود لسمسار شريف».

الفصل الرابع عشر

في 13 من يوليو سنة 1870 تناول بسمارك برقية إمس، وفي 13 من يوليو سنة 1874 جرح بعيار ناري أطلقه عليه كولمان، وفي 13 من يونيو سنة 1878 يفتتح مؤتمر برلين، وفي 13 من يوليو سنة 1878 يوقع بسمارك معاهدة برلين التي هي وليدة ذلك المؤتمر، ويجلب الرقم 13 - وهو الرقم الذي يتطير به تطيره من يوم الجمعة - حسن الحظ إليه مرتين من خلال الشر، والمسألة هي أن يعرف هل تكون نتيجة ذلك المؤتمر الذي بدئ وختم بتاريخين مشئومين شؤما عليه مع أنه توج بنجاح ساطع، وإذا نظر إلى المظهر لم ير بسمارك في أي دور من أدوار منصبه أبهر فلاحا مما في ذلك الدور حين كان ينهض في قاعة قصره الرسمي المقببة ومن مركز المائدة العظيمة المصنوعة على شكل نعل الفرس ليحيي - وهو رئيس لأوروبة - سياسيي الدول العظمى، وأمر مثل هذا مما لم يحدث منذ عشرات السنين، وكان بسمارك يكتسب بلحيته البيضاء الكبيرة منظرا أبويا، غير أن أحوالا كثيرة كمرضه واضطراره إلى القيام بشئون الرئاسة بلغة أجنبية وحمله عبء جميع العمل كانت تزعجه بعض الإزعاج، وإن كان قد افتتح المؤتمر مع قليل ضيق و«عدم عطل من نروزة».

1

ويجلس حول تلك المائدة المصنوعة على شكل نعل الفرس عشرون سياسيا مشهورا من سبع أمم مختلفة، والملكية عن يمين بسمارك، أفلا تبصر هنالك ثوريا يمثل دور قائد الهونفد؟

2

ترى ملامحه النحيفة الضيقة على شيء من التخالف، وتراه ذا أنف كبير وأذنين عظيمتين وفم حساس ولحية صغيرة، وينم منظره على النفور وعدم التقيد بالرسميات، فهذا هو الكونت أندراسي السريع الفهم والبطيء العزم، وبجانب الكونت أندراسي يجلس الكونت كاروليه؛ أي سفير النمسة الدائم ببرلين، والذي لم تقصه محاربة النمسة عنها سوى بضعة أسابيع، والبارون هايمرل هو العضو الثالث في الوفد النمسوي المجري، وهو الذي تشاهد فيه كل شيء حادا من أنفه إلى رأس قلمه الرصاصي الذي يقيد به ملاحظاته.

والرجل الجالس عن شمال بسمارك هو ودينغتن الذي ينم بسيماه على إنكلترة القديمة المرحة، والذي هو سهل مقبول، والذي هو رئيس للوفد الفرنسي وإن كان إنكليزيا بالاسم والأصل، والذي هو عالم أثري أكثر من أن يكون وزيرا للخارجية، وأما الجالس بجانبه فهو الكونت سان فاليه الدائم الحركة والكثير التبرم والسفير لفرنسة ببرلين، والذي هو أكثر تمثيلا لأمته، وأما العضو الفرنسي الثالث فهو ديسبرز الذي يدل مظهره الذهني على أنه بلاطي إكليريكي.

Unknown page