262

Bismarck

بسمارك: حياة مكافح

Genres

إحدى عرائض استقالته وجعل منها كرة، ثم كتب على هامشها مغاضبا كلمة «لا!» فلما التقى الرجلان للمرة الأولى بعد ذلك لام الملك خادمه قائلا: «أتريد أن تفضحني في آخر عمري؟ إن من عدم الإخلاص تركك لي!» وفي مرة أخرى يدع بسمارك عريضة استقالته معلقة بالميزان مهددا طالبا ألا يبت فيها إلى أن يعود من إجازته، وهذا يعني أن ينتظر الملك ساكتا خمسة أشهر، ويكاد لب الملك يطير من الغضب، ويقول الملك: «لا أدري بماذا أصف لك ما لكتابك من سوء أثر في نفسي، ولكن بما أنك طلبت مني كتابة أن أكتم مضامين كتابك فإن لي أن أرجو منك أن تحلف ناقله على الكتمان أيضا ... صديقك المغتم كثيرا: ولهلم.»

ويقرأ الملك جريدة رايشغلوك في كل أسبوع من ذلك، ويألم بسمارك في مذكراته من ذلك لما يعلمه من تأسيس تلك الجريدة للافتراء عليه، ويعين ثلاثة أشخاص لوظائف عالية، ويحتج بسمارك ضد جهر الملك بلطفه تجاه أعدائه، ويكتب عن أحد هؤلاء الثلاثة المفضلين قوله: «إن الشيء الوحيد الذي لفت نظر الجمهور إلى شخصه هو ما كان من عداوته لي عدة سنين، وهو لم يمتز بحسن قريحة ولا بجمال خدمة، وهو أيام شغله منصبا في الخارج كان مصدر زعج لعدم أهليته ولزيادة حماقته في الأوقات المهمة، وهو لم يصنع في السنوات الخمس عشرة التي أتت بعد ذلك غير الكتابة ضدي والكلام عني بشكاسة من يؤدي عجبه إلى ظنه أنه منكور.»

ولكن بسمارك يعرف جيدا أن ينقم دوما، ومع احترام خليق بجليس الملوك، إذلال مولاه إياه، فلما تذمر الملك سنة 1874 من شدة عبارة في خطبة العرش كتب بسمارك من فارزين يصرح بأنه إذا ما وقع أقل تبديل في النص لم يجئ إلى برلين لافتتاح الريشتاغ، وعلى هوهنلوهه أن يقول للملك إن بسمارك بلغ من الزهو ككاتب ما لا يوافق معه على ذلك التصحيح، ويبلغ هوهنلوهه ذلك ويقول الملك الشيخ هائجا: «يستنبط من تلك العبارة أننا نريد محاربة فرنسة مرة أخرى! ولا أرغب في سماع كلمة من هذا الطراز، وتقدمت في السن كثيرا، وأخاف أن يجرني بسمارك إلى حرب جديدة شيئا فشيئا!»

ويخالف هوهنلوهه قول الملك بأدب، ويلاعب ولهلم لحيته ولم ينطق بغير قوله: «لا أوافق الأمير بسمارك على ذلك، ويسرني أن تنقلوا إليه وجهة نظري .» وهكذا يقول كل من الخادم والمخدوم للآخر ما يراه صحيحا بواسطة شخص ثالث خشية التحاك، ومن الطبيعي ألا يقع ما أراده الملك من تصحيح!

ويقول ولي العهد: «ما بيدنا حيلة، فإذا ما اقترح بسمارك على والدي عقد اتفاق مع غاريبالدي، أو مع مازيني، ذرع والدي القاعة ذاهبا آيبا قائلا مع قنوط: ماذا تحاول أن تفعل بي يا بسمارك؟ ثم يقف والدي في سواء القاعة وهو يقول: لا أعارض ذلك الأمر عند تقديرك أنه ضروري لمصالح الدولة.» ومن ثم ندرك السبب في أن بعض أكابر الموظفين يتكلمون في كتبهم الخاصة عن بسمارك ساخرين داعين إياه كاراكالا،

2

ومن ثم ندرك السبب في كتابة الملك الشائب بعد خصام كتابا مؤثرا إلى بسمارك في سنة 1873 الجديدة تلبية لطلبه، وبسمارك لم يعتم بعد ذلك أن قال لأحد الأحرار وعن رغبة في إذاعة الخبر إن مسودة ذلك الكتاب عرضت عليه في بدء الأمر، وإنه لم يصنع فيها غير تصحيح أغلوطتين أو ثلاث أغاليط في التهجية، وينتحل بسمارك روح ميفيستوفل فيقول: «إن من المؤسف أن قمت بذلك التصحيح لما يوجب ذلك عد الوثيقة أقل صحة!»

ومن النادر أن يقول أحد الصدق حول تلك الأمور، وقد جازف أونروه ذات مرة، فقال لبسمارك: إن التاريخ سيحاسب الإمبراطور على أنه «احتفظ بوزير معنت

3

واتبع نصائحه اتباعا غير مقيد خلافا لما سار عليه أي ملك من ملوك بروسية»، ويستمع بسمارك لأونروه، ثم يجيب على هذا بقوله الكلاسي: «بالحق نطقت، فللملوك بصر ثاقب غريب في معرفة ما يفيدهم!»

Unknown page