211

Bismarck

بسمارك: حياة مكافح

Genres

ولكن أهم سبب حفز بسمارك إلى ذلك الضم البادي الخطر هو فكرة الريخ التي كانت في دور التكوين، ويلوح لبسمارك أن قلوب الناس القاسية تلين وتصير مرنة ب «غضبة عامة»، ثم إن هنالك عهدا بين الحلفاء الألمان بأن تكون تلك الولاية مشتركة بينهم، فرأى بسمارك أن زواج شمال ألمانية بجنوبها يبدو جليا لهما بتعاونهما على تربية هذا المولود الجديد.

وفي يوم سيدان قال أمين سر بسمارك دلبروك كلمته: «من أرض الريخ (ولايتي الألزاس واللورين) يلد الريخ (الإمبراطورية الألمانية).»

الفصل الثامن عشر

يسير بسمارك قدما نحو إمبراطوريته هادئا هدوء المعلم، ولما قتل البروسيون بجانب البافاريين في المعركة الأولى أخذ الناس يقولون في صحف برلين بضرورة المناداة بولهلم إمبراطورا، وقد أعرب بسمارك لسفير بافارية عن امتعاضه من هذه التفوهات، كما صرح له بأنه لم يدر في خلد أحد أن يحط شيئا من استقلال بافارية، «وترانا - بالعكس - شاكرين إلى الأبد لحليفتنا المجيدة، ولا ضرورة إلى نشدان الوحدة الألمانية ولا إلى صنعها؛ فهي قائمة فعلا»، وستكون السياسة التي يتبعها بسمارك في الأشهر الثلاثة القادمة مثل سياسة شركة مثرية تبيح للشركات الدنيا أن تطلب الاندماج فيها، فلما أرسل بسمارك دلبروك إلى درسدن لم يقصد بذلك سوى تقبل اقتراحات من تلك الناحية، ويقول بسمارك لأهل ورتنبرغ: «ننتظر طلباتكم.» ويبدو بسمارك عازما على سماع جميع الأصوات ثم يصنع ما يراه صوابا.

والحق أن شعبنا المؤلف من فرديين عندما حاول أن يتحد، عرض كل واحد من رجاله خطة مخالفة لخطط الآخرين، فكانت جميع الفصائل والطبقات والجمعيات و«الفلسفات» تتصادم، وكانت كل واحدة منها تنوي عدم بناء ألمانية إذا كان هذا البناء وفق وصفة الأخرى، وكان القوميون ببروسية يريدون اتحاد إمارات ألمانية بزعامة آل هوهنزلرن، وكان الأحرار يودون أن تكون ألمانية واحدة فيكون الحكم فيها للشعب، وكان الملك راغبا عن سماع شيء يقال له إمبراطور وإمبراطورية، قاصدا وضع معاهدات تنص على وجود جيش مشترك فقط، وكان ولي العهد يهدف إلى الإمبراطورية وإلى خضوع أبناء عمه الملوك للتاج الإمبراطوري ، وكانت بادن وحدها - شعبا وأميرا - تحب بناء الريخ برئاسة بروسية، وكانت حكومة بافارية ترى إنشاء جامعة لدول جنوب ألمانية مع النمسة على حين كانت مدنها الكبرى ترى الانتساب إلى جامعة شمال ألمانية، وعلى حين كان ملكها يفضل عدم قيام أية جامعة، وكانت ملكة ورتنبرغ تحوك الدسائس ضد بروسية على حين يسعى أحرار ورتنبرغ في الانضمام إلى دولة ألمانية في الشمال الديمقراطي، وكان الوزير القدير في هس يقترح سن دستور للإمبراطورية الألمانية مخالف لما يبتغي عارفا أن المستشار «بسمارك» لا يوده مثيرا بذلك ارتباكا عاما.

وغاية القول أن الجميع يتوجهون إلى فرساي حيث يجلس بسمارك أمام فرنه معدا هومنكولوس

1

في قارورته.

وكان ولي عهد بروسية يظهر أنه رجل المستقبل، وأنه أهم شخص ما دام الإمبراطور الأول في الرابعة والسبعين من عمره، وكان بين فردريك وبسمارك اختلافات خطيرة من أول الحرب، ولولي العهد حلم روائي أسري ديمقراطي في أمر الريخ؛ فهو يريد أن تبرز بروسية في ألمانية، وألا يترك شيء لأمراء ألمانية الآخرين خلا الألقاب وحقوق الشرف وبعض المقاعد في المجلس الأعلى، وأن يكون التاج الإمبراطوري والسلطة الحقيقية لآل هوهنزلرن، وأن يقوم بأمر الحكومة وزارة إمبراطورية مسئولة أمام الريشتاغ، ويطلع ولي العهد أمين سره غوستاف فريتاغ على خطته تلك في منتصف شهر أغسطس وفي أثناء تقدم الألمان، ويبدو ولي العهد «هائجا لامع العينين فيقول: يجب أن أكون إمبراطورا»، ومما قاله فريتاغ أيضا: «إنني نظرت إلى الأمير دهشا، فقد وجدته مزملا

2

Unknown page