Bila Quyud
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Genres
خلال مرحلة الطفولة يتشبث السعدان أو القرد بفراء أمه بأطرافه الأربعة، متعلقا بها من أسفل خاصرتها في وضع مقلوب بصفة تكاد تكون مستمرة طوال الأسابيع أو الشهور الأولى من حياته. ومع زيادة حجمه وقوته يبدأ الصغير من الرئيسيات الحركة وحده مع توخي الحذر، لكنه يهرع راجعا إلى أمه مع أول بادرة خطر. ومع انقضاء فترة الطفولة ينتقل القرد أو السعدان اليافع تدريجيا من اعتلاء خاصرة أمه بالمقلوب إلى الركوب على ظهرها أو منكبيها، ويستمر هذا شهورا أو سنوات قبل أن يبلغ السن المناسبة للاستغناء عن هذه الحاجة الدائمة للاتصال بأمه.
وهذا الارتباط الذي ينشأ بين صغير الرئيسيات وأمه أثناء هذه الشهور والسنوات الأولى من الاتصال الجسدي الوثيق دائما ما يستمر طوال الحياة؛ ومن ثم ليس من الغريب أن رباط الأمومة محوري في الحياة الاجتماعية لكل أنواع الرئيسيات، بينما يتباين رباط الأبوة، حسب النوع، من الأهمية الشديدة إلى عدم الأهمية على الإطلاق (انظر شكل
1-3 ).
شكل 1-3: يتشبث قرد الباتاس الصغير فطريا بأمه، حيث سيظل يمتطيها بالمقلوب طوال الشهور الأولى من حياته. (من تصوير ريتشارد دوتون.
richard@dutton.me.uk . أعيد طبعها بإذن.)
رباط الأمومة القوي بالفعل لدى الرئيسيات كلها صار أشد قوة مع تطور الرئيسيات ذوات الأربع ساكنة الأشجار إلى بشر يسيرون على قدمين ويسكنون الأرض. ينضج صغار البشر في بطء مقارنة بصغار أي نوع آخر من الرئيسيات؛ من ثم تكون فترة الاعتماد على الأم أطول. وتكتسب الإناث البالغات في مجتمعات القردة والسعادين مقاما وهيبة في الجماعة عند إنجاب صغارها. على غرار هذا يعترف بأعباء الأمومة ومسئولياتها الفريدة، وتلقى التقدير والاحتفاء في كل المجتمعات البشرية من خلال كم وفير من التقاليد الثقافية التي تقدر العلاقة الخاصة المديدة بين الأم وأطفالها. بيد أن البشر يتفردون بالروابط القوية التي تنشأ عادة بين الأب وأبنائه، وهو تطور جذري بين الرئيسيات التي تعيش في مجموعات.
العلاقات الجنسية لدى الرئيسيات
ظهرت الروابط الجنسية المستقرة والعلاقات الجنسية الحصرية، بما في ذلك التعاون بين الذكور والإناث في رعاية الأبناء، منذ زمن طويل في تاريخ الحياة على الأرض. ويمكن رصد مثل هذه العلاقات بين حيوانات بدائية مثل الأسماك، وتكاد تكون عامة بين الطيور التي يظل بعضها، مثل الأوز، مرتبطا بشريكه مدى الحياة، لكن بين الثدييات غالبا ما لا تكون العلاقات الجنسية مستقرة أو حصرية، وتجنح للتدرج بشدة في الصفة والأهمية من نوع لآخر.
فدائما ما تقتصر العلاقات الجنسية بين الماعز والخراف على سبيل المثال على بضعة أفعال قصيرة للجماع. تتمتع الذكور المسيطرة في هذه الأنواع بحقوق جنسية حصرية على قطيعها من الإناث، وتكون في غاية الانشغال بالتزاوج وحماية حقوقها لتساعد أيا من زوجاتها المتعددات في مهمة رعاية صغارهما. هذا هو النمط المعتاد بين الحيوانات التي تعيش في قطعان، مثل الحيوانات العاشبة.
على النقيض من ذلك، ترتبط قردة التيتي في أمريكا الجنوبية بعلاقات جنسية أحادية حصرية في أغلب الحالات، ونادرا ما يغيب أزواج قردة تيتي بعضهم عن أنظار بعض. وأثناء الراحة تجلس قردة التيتي المتزاوجة متجاورة وقد تشابكت ذيولها مع بعضها، وكثيرا ما تبدو أكثر اضطرابا لتعبيرات الضيق لدى أزواجها من تعبيرات الضيق التي تبدو على صغارها. ومن الجدير بالملاحظة أن كلا الجنسين من قرود التيتي يشاركان بهمة في رعاية الصغار، حتى إنه بعد الأشهر الثلاثة الأولى من مرحلة الرضاعة، قد يحمل ذكر التيتي صغيره 90 في المائة من الوقت. من الوهلة الأولى يبدو هذا موازيا لنمط شائع في مجتمعات بشرية كثيرة، لكن على عكس التيتي، تتباين المجتمعات البشرية المختلفة تباينا بالغا في مواقفها من رعاية الذكور للصغار.
Unknown page