بابُ أسباب الحَدَث
هِيَ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا: خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ، إِلَّا الْمَنِيَّ
===
(باب أسباب الحدث)
هو أولى من التعبير بـ (نواقض الوضوء) إذ يقال: انتهى الوضوءُ لا بَطَل؛ كما يقال: انتهى الصوم لا بَطَل، كذا قاله في "الدقائق" (١)، لكنه عبَّر بعد ذلك بـ (النقض)، فقال: (فخرج المعتاد نقض).
(هي أربعة) أما النقض بها. . فللأدلة الآتية، وأما عدمُه بغيرها. . فلأن الأصل أن لا نقض حتى يثبت فيه نصٌّ، ولم يَثْبُت، والقياسُ ممتنعٌ هنا؛ لأن علة النقض غير معقولة.
(أحدها: خروج شيء من قبله أو دبره) عينًا كان أو ريحًا ولو من فرج المرأةِ، أو من ذكرِ الرجلِ.
ولو أدخل في ذكره ميلًا ثم أخرجه. . انتقض، ثبت ذلك في البولِ والغائط والريحِ بالنصوص والإجماع، وفيما عداها بالقياس.
وفي "فتاوى القفال": أنَّ بَلَلَ فرجِ المرأةِ إذا وصل إلى موضعٍ يجب عليها غَسْلُه في الغسل. . أن وضوءَها ينتقض، وإنْ خرج إلى محلٍّ لا يجب عليها غَسلُه في الجنابة والاستنجاء. . فلا؛ لأنه في حكم الباطن.
(إلَّا المنِيَّ) فإنه لا يوجبُ الوضوءَ، لأنه أوجبَ أعظمَ الأمرين -وهو الغسلُ- بخصوصه، فلا يوجب أهونَهُما -وهو الوضوء- بعمومِه؛ كزنا المحصَنِ لَمَّا أوجبَ أعظمَ الحدَّيْن -وهو الرجمُ- بخصوصه -وهو زنا المحصن-. . لم يوجب أهونَهُما -وهو الجلد- بعموم كونِه زنًا، ورجح في "الكفاية" وفاقًا للقاضي أبي الطيب النقضَ به، ونقل عن تصحيح الرافعي له في كتابه "المحمود"، ونقل ابنُ المنذر وابن عطية الإجماعَ عليه (٢).