44

Bidayat Mujtahid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Investigator

فريد عبد العزيز الجندي

Publisher

دار الحديث

Publication Year

1425 AH

Publisher Location

القاهرة

فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُمَا غَيْرُ وَاجِبَيْنِ فِيهَا، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِهِمَا ; وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى وُجُوبِهِمَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي نُقِلَتْ مِنْ صِفَةِ وُضُوئِهِ ﵊ فِي طُهْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي نُقِلَتْ مِنْ صِفَةِ وُضُوئِهِ فِي الطُّهْرِ فِيهَا الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ لَا بِمَضْمَضَةٍ وَلَا بِاسْتِنْشَاقٍ. فَمَنْ جَعَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَمَيْمُونَةَ مُفَسِّرًا لِمُجْمَلِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] أَوْجَبَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، وَمَنْ جَعَلَهُ مُعَارِضًا جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ حَمَلَ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَمَيْمُونَةَ عَلَى النَّدْبِ، وَحَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ بِعَيْنِهِ اخْتَلَفُوا فِي تَخْلِيلِ الرَّأْسِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَمْ لَا؟ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَقَدْ عَضَّدَ مَذْهَبَهُ مَنْ أَوْجَبَ التَّخْلِيلَ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ ﵊ أَنَّهُ قَالَ: «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ وَبُلُّوا الشَّعْرَ» . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شُرُوطِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ الْفَوْرُ وَالتَّرْتِيبُ، أَوْ لَيْسَا مِنْ شُرُوطِهَا كَاخْتِلَافِهِمْ في ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ؟ . وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: هَلْ فِعْلُهُ ﵊ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ بِهِ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ ﵊ أَنَّهُ مَا تَوَضَّأَ قَطُّ إِلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا، وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَبْيَنُ مِنْهَا فِي الْوُضُوءِ، وَذَلِكَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَسَائِرِ الْجَسَدِ، لِقَوْلِهِ ﵊ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: «إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِي الْمَاءَ عَلَى جَسَدِكِ» وَحَرْفُ " ثُمَّ " يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ. [الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ نَوَاقِضِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ] الْبَابُ الثَّانِي: فِي مَعْرِفَةِ نَوَاقِضِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة: ٢٢٢] الْآيَةَ. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ مِنْ حَدَثَيْنِ: أَحَدُهُمَا: خُرُوجُ الْمَنِيِّ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فِي النَّوْمِ أَوِ الْيَقَظَةِ مِنْ ذَكَرٍ كَانَ أَوْ أُنْثَى، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلًا مِنْ الِاحْتِلَامِ، وَإِنَّمَا اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ

1 / 52