Bidayat Mujtahid

Averroes d. 595 AH
155

Bidayat Mujtahid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Publisher

دار الحديث

Edition Number

بدون طبعة

Publisher Location

القاهرة

أَمَّهُمْ قَاعِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَصَلَاتُهُ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي قَاعِدًا» قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ يَرْوِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ مُرْسَلًا، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا أَسْنَدَ فَكَيْفَ فِيمَا أَرْسَلَ؟ وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجُّ بِمَا رَوَاهُ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «خَرَجَ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ: مَا مَاتَ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ» وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ إِلَّا أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ ائْتَمَّ بِأَبِي بَكْرٍ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ، وَهَذَا ظَنٌّ لَا يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ لَهُ النَّصُّ مَعَ ضَعْفِ الْحَدِيثِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ اتِّبَاعِ المأموم للإمام] الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي صِفَةِ الِاتِّبَاعِ. وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: فِي وَقْتِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِلْمَأْمُومِ، وَالثَّانِيَةُ: فِي حُكْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ. أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي وَقْتِ تَكْبِيرة الْمَأْمُومِ، فَإِنَّ مَالِكًا اسْتَحْسَنَ أَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، قَالَ: وَإِنْ كَبَّرَ مَعَهُ أَجْزَأَهُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَمَّا إِنْ كَبَّرَ قَبْلَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ: يُكَبِّرُ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَرَغَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَعَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ الْأَشْهَرُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمَأْمُومَ إِنْ كَبَّرَ قَبْلَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ: أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ ﵊: - «فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» وَالثَّانِي: مَا رُوِيَ " أَنَّهُ ﵊ «كَبَّرَ فِي صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا، فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ الْمَاءِ» فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ تَكْبِيرَهُ وَقَعَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِمْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْبِيرٌ أَوَّلًا لِمَكَانِ عَدَمِ الطِّهَارَةِ، وَهُوَ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ في أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ هَلِ اسْتَأْنَفُوا التَّكْبِيرَ أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِفُوهُ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا إِلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَالْأَصْلُ هُوَ الِاتِّبَاعُ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ إِمَّا بِالتَّكْبِيرِ، وَإِمَّا بِافْتِتَاحِهِ. وَأَمَّا مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ يَرَوْنَ أَنَّهُ أَسَاءَ وَلَكِنَّ صِلَاتَهُ جَائِزَةٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، فَيَتْبَعَ الْإِمَامَ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِلْوَعِيدِ الَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ،

1 / 163