Bidayat Mujtahid

Averroes d. 595 AH
145

Bidayat Mujtahid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Publisher

دار الحديث

Edition Number

بدون طبعة

Publisher Location

القاهرة

مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُعِيدُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: أَحْمَدُ، وَدَاوُدُ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَعَارُضُ مَفْهُومِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ عَنْهُ ﵊ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَلِّ صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» وَرُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ أَمَرَ الَّذِينَ صَلَّوْا فِي جَمَاعَةٍ أَنْ يُعِيدُوا مَعَ الْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ» وَأَيْضًا فَإِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ بسر يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ إِذَا جَاءَ الْمَسْجِدَ، فَإِنَّ قُوَّتَهُ قُوَّةُ الْعُمُومِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَرَدَ الْعَامُّ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ لَا يُقْتَصَرُ بِهِ عَلَى سَبَبِهِ، وَصَلَاةُ مُعَاذٍ مَعَ النَّبِيِّ ﵊ ثُمَّ كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ، فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَذْهَبَ الْجَمْعِ وَمَذْهَبَ التَّرْجِيحِ. أَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ فَإِنَّهُ أَخَذَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ ﵊: «لَا تُصَلِّ صَلَاةً وَاحِدَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا صَلَاةَ الْمُنْفَرِدِ فَقَطْ لِوُقُوعِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ فَقَالُوا إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ﵊: - «لَا تُصَلِّ صَلَاةً وَاحِدَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» إِنَّمَا ذَلِكَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ بِعَيْنِهَا مَرَّتَيْنِ، يَعْتَقِدُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا فَرْضٌ، بَلْ يَعْتَقِدُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى الْفَرْضِ، وَلَكِنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُنْفَرِدِ، أَعْنِي: أَلَّا يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الْمُنْفَرِدُ صَلَاةً وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا مَرَّتَيْنِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَمَنْ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَأَحْكَامِ الْإِمَامِ الْخَاصَّةِ بِهِ] ِ وَفِي هَذَا الْفَصْلِ مَسَائِلُ أَرْبَعٌ: الْمَسْأَلَةُ الأُولَى ; اخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَفْقَهُهُمْ لَا أَقْرَؤُهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ. وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ ﵊: - «يَؤُمُّ الْقَوْمَ

1 / 153