Bidāyat al-mujtahid wa-nihāyat al-muqtasid
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Editor
فريد عبد العزيز الجندي
Publisher
دار الحديث
Publication Year
1425 AH
Publisher Location
القاهرة
» قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَبِهِ أَخَذَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، وَصَارَ قَوْمٌ مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ عِنْدَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاخْتَلَفُوا: هَلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَوْلٌ مَحْدُودٌ يَقُولُهُ الْمُصَلِّي أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ مَحْدُودٌ.
، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَجَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: (سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ) ثَلَاثًا، وَفِي السُّجُودِ (سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى) ثَلَاثًا عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقُولَهَا الْإِمَامُ خَمْسًا فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يُدْرِكَ الَّذِي خَلْفَهُ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ.
وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ: مُعَارَضَةُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ ﵊ قَالَ: «أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِيهِ فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ»، وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، وَلَمَّا نَزَلَتْ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ ﵊: «وأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِيهِ فِي الدُّعَاءِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجُوزُ الدُّعَاءُ فِي الرُّكُوعِ، وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ جَاءَ فِيهَا أَنَّهُ ﵊ دَعَا فِي الرُّكُوعِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﵊ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»
1 / 137