221

al-Bidayat wa-al-nihayat

البداية والنهاية

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
﵇ يَوْمَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَلَمْ تَحْرِقْهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا قَرَّرْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمن ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ ٦: ٨٤ الآيات مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ دُونَ نُوحٍ ﵉. وَهُوَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمَنْصُوصِ عَلَى الْإِيحَاءِ إِلَيْهِمْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ ٤: ١٦٣ الْآيَةَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ وَامْرَأَتُهُ قِيلَ اسْمُهَا لَيَا بِنْتُ يَعْقُوبَ وقيل رحمه بنت أفرائيم. وقيل منشا بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ. وَهَذَا أَشْهَرُ فَلِهَذَا ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا. ثُمَّ نَعْطِفُ بِذِكْرِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ ذِكْرِ قِصَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً من عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ ٢١: ٨٣- ٨٤ وقال تعالى في سورة ص وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ. وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ. وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ٣٨: ٤١- ٤٤ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلُ نَبِيٍّ بُعِثَ إِدْرِيسُ. ثُمَّ نُوحٌ. ثُمَّ إِبْرَاهِيمُ. ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ. ثُمَّ إِسْحَاقُ. ثُمَّ يَعْقُوبُ. ثُمَّ يُوسُفُ. ثُمَّ لُوطٌ. ثُمَّ هُودٌ. ثُمَّ صَالِحٌ. ثُمَّ شُعَيْبٌ. ثُمَّ مُوسَى وَهَارُونُ. ثُمَّ إِلْيَاسُ. ثُمَّ الْيَسَعُ. ثُمَّ عُرْفِيُّ [١] بْنُ سَوِيلَخَ بْنِ أَفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ. ثُمَّ يُونُسُ بْنُ مَتَّى مِنْ بَنِي يَعْقُوبَ. ثم أيوب بن زراح [٢] بْنِ آمُوصَ بْنِ لِيفَرَزَ بْنِ الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَفِي بَعْضِ هَذَا التَّرْتِيبِ نَظَرٌ فَإِنَّ هُودًا وَصَالِحًا الْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا بَعْدَ نُوحٍ. وَقَبْلَ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ وَالتَّارِيخِ وَغَيْرُهُمْ كَانَ أَيُّوبُ رَجُلًا كَثِيرَ الْمَالِ مِنْ سَائِرِ صُنُوفِهِ وَأَنْوَاعِهِ مِنَ الْأَنْعَامِ والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض البثينة مِنْ أَرْضِ حُورَانَ. وَحَكَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهَا كُلَّهَا كَانَتْ لَهُ وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَهْلُونَ كَثِيرٌ فَسُلِبَ مِنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ وَابْتُلِيَ فِي جَسَدِهِ بِأَنْوَاعِ الْبَلَاءِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ عُضْوٌ سَلِيمٌ سِوَى قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ. يَذْكُرُ اللَّهَ ﷿ بِهِمَا وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ ذَاكِرٌ للَّه ﷿ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ وَصَبَاحِهِ وَمَسَائِهِ. وَطَالَ مَرَضُهُ حَتَّى عَافَهُ الْجَلِيسُ وَأَوْحَشَ مِنْهُ الْأَنِيسُ وَأُخْرِجَ مِنْ بَلَدِهِ وَأُلْقِيَ عَلَى مَزْبَلَةٍ خَارِجَهَا وَانْقَطَعَ عَنْهُ النَّاسُ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَحْنُو عَلَيْهِ سِوَى زَوْجَتِهِ كَانَتْ تَرْعَى لَهُ حَقَّهُ وَتَعْرِفُ قَدِيمَ إِحْسَانِهِ إِلَيْهَا وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا فَكَانَتْ تَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ فَتُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ وَتُعِينُهُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَتَقُومُ بِمَصْلَحَتِهِ. وَضَعُفَ حَالُهَا وَقَلَّ مَالُهَا حَتَّى كَانَتْ تَخْدِمُ النَّاسَ بِالْأَجْرِ لِتُطْعِمَهُ وَتَقُومَ بِأَوَدِهِ ﵂ وَأَرْضَاهَا وَهِيَ صَابِرَةٌ مَعَهُ عَلَى ما حل بهما من فراق

[١] في نسخة عربي [٢] في نسخة راذح

1 / 221