190

al-Bidayat wa-al-nihayat

البداية والنهاية

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
عُمْدَتُهُمْ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قال لَهُمْ شُعَيْبٌ) ٢٦: ١٧٦- ١٧٧ وَلَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ كَمَا قَالَ وَإِلَى مَدْيَنَ أخاهم شعيبا. وَالثَّانِي أَنَّهُ ذَكَرَ عَذَابَهُمْ بِيَوْمِ الظُّلَّةِ وَذَكَرَ فِي أُولَئِكَ الرَّجْفَةَ أَوِ الصَّيْحَةَ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ الْأُخُوَّةَ بَعْدَ قَوْلِهِ (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) ٢٦: ١٧٦ لِأَنَّهُ وَصَفَهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَيْكَةِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرُ الإخوة هاهنا ولما نسبهم الى القبيلة شاع ذِكْرُ شُعَيْبٍ بِأَنَّهُ أَخُوهُمْ وَهَذَا الْفَرْقُ مِنَ النَّفَائِسِ اللَّطِيفَةِ الْعَزِيزَةِ الشَّرِيفَةِ وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِيَوْمِ الظُّلَّةِ فَإِنْ كَانَ دَلِيلًا بِمُجَرَّدِهِ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ أُمَّةٌ أُخْرَى فَلْيَكُنْ تَعْدَادُ الِانْتِقَامِ بِالرَّجْفَةِ وَالصَّيْحَةِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمَا أُمَّتَانِ أُخْرَيَانِ وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ يَفْهَمُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الشَّأْنِ فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ النَّبِيِّ شُعَيْبٍ ﵇ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ عن هشام بن سعد عن شفيق بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ عن عبد الله ابن عَمْرٍو مَرْفُوعًا (إِنَّ مَدْيَنَ وَأَصْحَابَ الْأَيْكَةِ أُمَّتَانِ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا شُعَيْبًا النَّبِيَّ ﵇ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَفِي رِجَالِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِمَّا أَصَابَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ مِنْ تِلْكَ الزَّامِلَتَيْنِ مِنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَنْ أَهْلِ الْأَيْكَةِ مِنَ الْمَذَمَّةِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَهْلِ مَدْيَنَ مِنَ التَّطْفِيفِ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ أُهْلِكُوا بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ وَذَكَرَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَا يُنَاسِبُ من الْخِطَابَ. وَقَوْلُهُ (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ٢٦: ١٨٩ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ حَرٌّ شَدِيدٌ وَأَسْكَنَ اللَّهُ هبوب الهوا عَنْهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَكَانَ لَا يَنْفَعُهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَاءٌ وَلَا ظِلٌّ وَلَا دُخُولُهُمْ فِي الْأَسْرَابِ فَهَرَبُوا مِنْ مَحَلَّتِهِمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ فَأَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ فَاجْتَمَعُوا تَحْتَهَا لِيَسْتَظِلُّوا بِظِلِّهَا فَلَمَّا تَكَامَلُوا فيه أرسلها الله ترميهم بشرر وشهب وَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ وَجَاءَتْهُمْ صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَزْهَقَتِ الْأَرْوَاحَ وَخَرَّبَتِ الْأَشْبَاحَ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ ٧: ٩١- ٩٢. وَنَجَّى اللَّهُ شُعَيْبًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) كَمَا قَالَ تَعَالَى وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ. كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ) ١١: ٩٤- ٩٥. وَقَالَ تَعَالَى وَقال الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخاسِرُونَ. فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ ٧: ٩٠- ٩٢ وَهَذَا فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِمْ (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخاسِرُونَ) ٧: ٩٠ ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِمْ أَنَّهُ نَعَاهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ مُوَبِّخًا وَمُؤَنِّبًا وَمُقَرِّعًا فَقَالَ تَعَالَى يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ ٧: ٩٣ أَيْ أَعْرَضَ عَنْهُمْ مُوَلِّيًا عَنْ مَحَلَّتِهِمْ بَعْدَ هلكتهم قَائِلًا (يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) ٧: ٩٣ أَيْ قَدْ أَدَّيْتُ مَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيَّ مِنَ الْبَلَاغِ التَّامِّ وَالنُّصْحِ الْكَامِلِ وَحَرَصْتُ عَلَى هِدَايَتِكُمْ بِكُلِّ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَتَوَصَّلُ إِلَيْهِ فلم

1 / 190