186

al-Bidayat wa-al-nihayat

البداية والنهاية

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ (وَلا تُفْسِدُوا في الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) ٧: ٨٥ أَمَرَهُمْ بِالْعَدْلِ وَنَهَاهُمْ عَنِ الظُّلْمِ وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَقَالَ (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ) ٧: ٨٥- ٨٦ أَيْ طَرِيقٍ (تُوعِدُونَ) أَيْ تَتَوَعَّدُونَ النَّاسَ بِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ مِنْ مُكُوسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَتُخِيفُونَ السُّبُلَ قَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) ٧: ٨٦ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْعُشُورَ مِنْ أَمْوَالِ الْمَارَّةِ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانُوا قَوْمًا طُغَاةً بُغَاةً يَجْلِسُونَ عَلَى الطَّرِيقِ (يَبْخَسُونَ النَّاسَ) يَعْنِي يَعْشُرُونَهُمْ وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجًا) ٧: ٨٦ فَنَهَاهُمْ عَنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ الْحِسِّيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ الدِّينِيَّةِ (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) ٧: ٨٦ ذَكَّرَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي تَكْثِيرِهِمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ وَحَذَّرَهُمْ نِقْمَةَ اللَّهِ بِهِمْ إِنْ خَالَفُوا مَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ وَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ لَهُمْ فِي الْقِصَّةِ الْأُخْرَى (وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) ١١: ٨٤ أَيْ لَا تَرْكَبُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَتَسْتَمِرُّوا فِيهِ فَيَمْحَقَ اللَّهُ بَرَكَةَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ وَيُفْقِرَكُمْ وَيُذْهِبَ مَا بِهِ يُغْنِيكُمْ وَهَذَا مُضَافٌ إِلَى عَذَابِ الْآخِرَةِ وَمَنْ جُمِعَ لَهُ هَذَا وَهَذَا فَقَدْ بَاءَ بِالصَّفْقَةِ الْخَاسِرَةِ فَنَهَاهُمْ أَوَّلًا عَنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيقُ مِنَ التَّطْفِيفِ وَحَذَّرَهُمْ سَلْبَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَعَذَابَهُ الْأَلِيمَ فِي أُخْرَاهُمْ وَعَنَّفَهُمْ أَشَدَّ تَعْنِيفٍ. ثم قال لهم آمرا بعد ما كَانَ عَنْ ضِدِّهِ زَاجِرًا (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا في الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) ١١: ٨٥- ٨٦ قال ابن عباس والحسن البصري (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ) ١١: ٨٦ أَيْ رِزْقُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَخْذِ أموال الناس وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ مَا فَضَلَ لَكُمْ مِنَ الرِّبْحِ بَعْدَ وَفَاءِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالتَّطْفِيفِ. قَالَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ وَحَكَاهُ حَسَنٌ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ٥: ١٠٠ يَعْنِي أَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْحَلَالِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنَ الْكَثِيرِ مِنَ الْحَرَامِ فَإِنَّ الْحَلَالَ مُبَارَكٌ وَإِنْ قَلَّ وَالْحَرَامَ مَمْحُوقٌ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ ٢: ٢٧٦ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ مَصِيرَهُ إِلَى قُلٍّ) رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْ إِلَى قِلَّةٍ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنَّ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الرِّبْحَ الْحَلَالَ مُبَارَكٌ فِيهِ وَإِنَّ قَلَّ وَالْحَرَامَ لَا يُجْدِي وَإِنْ كَثُرَ وَلِهَذَا قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ شُعَيْبٌ (بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ١١: ٨٦ وقوله (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) ١١: ٨٦ أَيِ افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَرَجَاءَ ثَوَابِهِ لَا لِأَرَاكُمْ أَنَا وَغَيْرِي (قالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) ١١: ٨٧ يَقُولُونَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالتَّنَقُّصِ وَالتَّهَكُّمِ أصلوتك هَذِهِ الَّتِي تُصَلِّيهَا هِيَ الْآمِرَةُ لَكَ بِأَنْ تحجر علينا فلا نعبد الا إلهك

1 / 186