al-Bidayat wa-al-nihayat

Ibn Katir d. 774 AH
18

al-Bidayat wa-al-nihayat

البداية والنهاية

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
فَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ فَأَرْسَى عَلَيْهَا الْجِبَالَ فَقَرَّتْ. وَخَلَقَ اللَّهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الْجِبَالَ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَالْمَدَائِنَ والعمران الخراب وَفَتَقَ السَّمَاءَ وَكَانَتْ رَتْقًا فَجَعَلَهَا سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ يَوْمَ الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات وَالْأَرْضِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا. ثُمَّ قَالَ خَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْبِحَارِ وَجِبَالِ الْبَرَدِ وَمَا لَا يَعْلُمُهُ غَيْرُهُ. ثُمَّ زَيَّنَ السَّمَاءَ بِالْكَوَاكِبِ فَجَعَلَهَا زِينَةً وحفظا يحفظ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ مَا أحب استوى على العرش. هذا الْإِسْنَادُ يَذْكُرُ بِهِ السُّدِّيُّ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً فِيهَا غَرَابَةٌ وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْهَا مُتَلَقَّى مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ. فَإِنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ لَمَّا أَسْلَمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ كَانَ يَتَحَدَّثُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ بِأَشْيَاءَ مِنْ عُلُومِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَسْتَمِعُ لَهُ عُمَرُ تَأْلِيفًا لَهُ، وَتَعَجُّبًا مِمَّا عِنْدَهُ مِمَّا يُوَافِقُ كَثِيرٌ مِنْهُ الْحَقَّ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ فَاسْتَجَازَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ نَقْلَ مَا يُورِدُهُ كَعْبُ الأحبار لهذا، وَلَمَّا جَاءَ مِنَ الْإِذْنِ فِي التَّحْدِيثِ عَنْ بنى إسرائيل لكن كثيرا ما يقع مما يرويه غلط كبير وخطأ كثير وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ [١] عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي كَعْبِ الْأَحْبَارِ (وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ) أَيْ فِيمَا يَنْقُلُهُ لَا أَنَّهُ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَنَحْنُ نُورِدُ مَا نُورِدُهُ مِنَ الَّذِي يَسُوقُهُ كَثِيرٌ مِنْ كِبَارِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَنْهُمْ. ثُمَّ نُتْبِعُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا يَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ أَوْ يُكَذِّبُهُ وَيَبْقَى الْبَاقِي مِمَّا لا يصدق ولا يكذب وبه الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي زِنَادٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي» وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمن الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ٦٥: ١٢ ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لها ذلك. فقالت يا أبا سلمة

[١] مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ. وَذَكَرَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَقَالَ إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ انتهى (محمود الامام)

1 / 18