al-Bidayat wa-al-nihayat
البداية والنهاية
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
القاهرة
Genres
History
ابْنُ جَرِيرٍ خَبَرًا مَرْفُوعًا يُوَافِقُ هَذَا وَأَنَّهُمْ صَامُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبٍ الْأَزْدِيُّ عَنْ أَبِيهِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ شِبْلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ (مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِأُنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ صَامُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هذا الصوم فقالوا هذا اليوم الّذي نجا اللَّهُ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْغَرَقِ وَغَرِقَ فِيهِ فِرْعَوْنُ وَهَذَا يَوْمٌ اسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجُودِيِّ فَصَامَ نُوحٌ وَمُوسَى ﵉ شُكْرًا للَّه ﷿ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى وَأَحَقُّ بِصَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَمَنْ كَانَ منكم قد أصاب من غد أَهْلِهِ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) . وَهَذَا الْحَدِيثُ لَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَالْمُسْتَغْرَبُ ذِكْرُ نُوحٍ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْجَهَلَةِ أَنَّهُمْ أَكَلُوا مِنْ فُضُولِ أَزْوَادِهِمْ وَمِنْ حُبُوبٍ كَانَتْ مَعَهُمْ قَدِ استصحبوها واطحنوا الْحُبُوبَ يَوْمَئِذٍ وَاكْتَحَلُوا بِالْإِثْمِدِ لِتَقْوِيَةِ أَبْصَارِهِمْ لَمَّا انهارت مِنَ الضِّيَاءِ بَعْدَ مَا كَانُوا فِي ظُلْمَةِ السَّفِينَةِ فَكُلُّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِيهِ آثَارٌ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَلَا يُقْتَدَى بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ ذَلِكَ الطُّوفَانَ أَرْسَلَ رِيحًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَسَكَنَ الْمَاءُ وَانْسَدَّتْ يَنَابِيعُ الْأَرْضِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْقُصُ وَيَغِيضُ وَيُدْبِرُ وكان استواء الفلك فِيمَا يَزْعُمُ أَهْلُ التَّوْرَاةِ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ لِسَبْعَ عَشْرَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْهُ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ الْعَاشِرِ رُئِيَتْ رُءُوسُ الْجِبَالِ فَلَمَّا مَضَى بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَتَحَ نُوحٌ كَوَّةَ الْفُلْكِ الَّتِي صَنَعَ فِيهَا ثُمَّ أَرْسَلَ الْغُرَابَ لِيَنْظُرَ لَهُ مَا فَعَلَ الْمَاءُ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ فَأَرْسَلَ الْحَمَامَةَ فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ لم يجد لرجلها مَوْضِعًا فَبَسَطَ يَدَهُ لِلْحَمَامَةِ فَأَخَذَهَا فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ مَضَتْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ أَرْسَلَهَا لِتَنْظُرَ لَهُ ما فعل الماء فلم ترجع فَرَجَعَتْ حِينَ أَمْسَتْ وَفِي فِيهَا وَرَقُ زَيْتُونَةٍ فَعَلِمَ نُوحٌ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ قَلَّ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ مَكَثَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَرْسَلَهَا فَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَعَلِمَ نُوحٌ أَنَّ الْأَرْضَ قَدْ بَرَزَتْ فَلَمَّا كَمَلَتِ السَّنَةُ فِيمَا بَيْنَ أَنْ أَرْسَلَ اللَّهُ الطُّوفَانَ إِلَى أَنْ أَرْسَلَ نُوحٌ الْحَمَامَةَ وَدَخَلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ مِنَ الشهر الأول من سنة اثنين بَرَزَ وَجْهُ الْأَرْضِ وَظَهَرَ الْبَرُّ وَكَشَفَ نُوحٌ غِطَاءَ الْفُلْكِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ هُوَ بِعَيْنِهِ مَضْمُونُ سِيَاقِ التَّوْرَاةِ الَّتِي بِأَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ فِي سِتٍّ وَعِشْرِينَ ليلة منه (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) ١١: ٤٨ وَفِيمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ نُوحًا قَائِلًا لَهُ اخْرُجْ مِنَ الْفُلْكِ أَنْتَ وَامْرَأَتُكَ وَبَنُوكَ وَنِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ وَجَمِيعُ الدَّوَابِّ التي معك ولينموا وليكبروا فِي الْأَرْضِ فَخَرَجُوا وَابْتَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا للَّه ﷿ وَأَخَذَ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ الْحَلَالِ وَالطَّيْرِ الْحَلَالِ فَذَبَحَهَا قُرْبَانًا إِلَى اللَّهِ ﷿ وَعَهِدَ اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ لَا يُعِيدَ الطوفان على أهل الأرض. وجعل تذكارا لميثاقه إِلَيْهِ الْقَوْسُ الَّذِي فِي الْغَمَامِ وَهُوَ قَوْسُ قُزَحَ الَّذِي قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أمان من
1 / 117