وافقت على رأيه بمزيد من الصمت الراضي، فضحك ضحكة قصيرة خافتة وهو يهمس: الوقوف هنا أجمل.
عند ذاك تمتمت: أظننا أزعجناك أكثر مما يحتمل.
ولشعوره بقصر الفرصة المتاحة سألها: حضرتك من القاهرة؟
هزت رأسها بالنفي. وبعد وقفة قصيرة قالت: من طنطا، وحضرتك؟
هزه السؤال الإيجابي حتى الأعماق، فقال دون تردد: أنا من القاهرة، أيمكن أن أعرف عنوانك؟ - لا فائدة، نحن نقيم في العزبة. - ربما سافرت إلى القاهرة، فخذي رقم التليفون. - لا فائدة.
وبعد أن ألقى نظرة على الباب المغلق، قال بحرارة: إن ما بي هو الجنون بعينه، لا يمكن أن نسلم بالفراق دون مقاومة، أنت تفهمين ذلك؟ - نعم.
ارتفعت حرارة حماسه إلى القمة، وهو يقول: يخيل إلي أنك غير سعيدة. - نعم، جميع ما حولي مرعب مقزز، أود أن أطير بعيدا. - إذن طيري.
حدجته بنظرة متسائلة تروم أملا، فقال: نغادر الديزل في دمنهور. - أهرب! - نعم، لا وقت للتردد. - وبعد ذلك؟ - دعي الباقي لي. - ربما استيقظ قبل ذلك، هو أو الآخر. - سوف يظنك بدورة المياه. - ولكن ... - لا لكن، سنحاول، هي فرصتنا على أي حال. - لكن لا أحد منا يعرف الآخر. - ما عرفناه حتى الآن أهم بكثير مما لم نعرفه بعد.
وفتح الباب قيراطا لينظر إلى داخل العربة، ولما وجد كل شيء هادئا أغلقه، ثم نظر في الساعة، وقال: لدينا دقائق قبل دمنهور، سآتي بحقيبتي الصغيرة.
ورجع بعينين ملتمعتين ووجه شديد الإصرار، فقال بقلق: القطار لم يهدئ من سرعته.
Unknown page